طوال الأعوام الخمسة الماضية ظننت أنني الوحيدة التي لم تجد ما يسليها ويثير ضحكاتها من أعمال عربية أو خليجية وحتى بحرينية، إذ كنت أشعر بأن غالبية البرامج والأعمال الكوميدية العربية ومع اعتذاري للجميع «تافهة» و «بايخة»، لكن اليوم أدركت أنني لست الوحيدة التي تحمل هذا الشعور، ففي لقائي الأخير بالممثلة الشابة سارة البلوشي التي من المقرر أن تطل علينا في شهر رمضان كوجه جديد من خلال المسلسل التراثي الكوميدي البحريني «سوالف طفاش»، قالت في ردها عن سؤال بشأن نظرتها للأعمال الكوميدية التي تقدم هذه الأيام: لا توجد أعمال كوميدية حلوة حاليا، وإن حدث ووجد عمل أو أثنان فهو يطرح في سياق مواضيع متكررة. كما أنه وإن وجد نص جيد وُظف لأداء الدور ممثلون «ثقال دم وايد»، وهذا لا ينطبق على البحرين فقط، بل كل الأعمال العربية الكوميدية.
بكل صراحة أنا أؤيد الممثلة سارة البلوشي في جميع ما قالت، ولكنني أشد على يدها في النقطة الثانية وهي وجود ممثلين يستظرفون بأنفسهم ولكن الناس تشعر بأنه «ثقال دم وايد».
أما «الاستظراف» فقد أخذ يظهر بشكل علني بين الممثلين سواء الشباب أو الكبار، فهم باتوا يسردون مجموعة من أبشع النكات وأثقلها ظلا، بحيث أنك توشك على شد شعرك من ثقل دم الشخص الذي أخذ يستظرف أمامك عبر الشاشة.
فلو دققت في عدد من الأعمال الكوميدية ليست البحرينية فقط، بل حتى العربية التي تعرض على التلفزيون فستجدها كثيرة ولكنها لا تعجبك وتضحك، بل هم يستظرفون بأنفسهم أمام المشاهدين، فهم لا يعلمون جيدا بأن الكوميديا هي الفن الأرقى والأصعب، حتى أن اليونانيين كانوا يقدمون في الاحتفالات كل سنة ثلاث تراجيديات وكوميدية واحدة لأن التنافس فيها هو الأصعب... فالكوميديا فلسفة ورؤية للحياة بنظرة لاذعة وتبقى النكتة هي الأقدر على توصيف حالة وتقدم بلحظة مفاجئة غير متوقعة وتثير الضحك.
درست في الكلية أن استخدام الدعابة - فما بالك بالتنكيت - سلاح ذو حدين في الدعاية، وحتى في الإعلام، سلاح من الممكن أن يكسبك ثقة الجمهور لفترة، أو يكلفك ثقة الجمهور مدى الحياة. والسبب في ذلك أن نجاح الاستظراف نسبي، ما يضحكني لا يضحكك، وما يضحكك قد لا يضحكني، حتى مع نجوم الكوميديا المحترفين.
وأخيرا هناك من يرى أن الضحك صنعة، وله أصول، ومن أصول اللعبة ألا تحس بأن هناك مخططا مسبقا لإضحاكك، وأن يأتي «الإفيه» في مكانه وسياقه المناسبين دون إقحام ودون افتعال، وهذا ما هو غائب عن غالبية أعمالنا الكوميدية العربية، فمتى سنرى أعمالنا كالتي كانت تضحكنا قبل عشر سنوات أو أكثر؟!
العدد 2108 - الجمعة 13 يونيو 2008م الموافق 08 جمادى الآخرة 1429هـ