تحدثت في المقال السابق عن الإنجازات التي تحققت لأكبر الكتل النيابية وهي كتلة الوفاق الوطني الإسلامية طوال تجربتها في المشاركة في دوري الانعقاد الأول والثاني، وأشرت إلى إنجازاتها المرتبطة بالأبعاد الآتية: البعد الرقابي والتشريعي.
في المقال الحالي أستكمل الإنجازات التي حققتها الكتلة في الأبعاد الأخرى البرلمانية، السياسية، الدولية والدبلوماسية، الإدارية والإسناد، والإعلامية والتواصل المجتمعي، كما أتطرق إلى أهم المعوقات التي واجهتها في مسيرتها البرلمانية ومواقف الكتل الأخرى والحكومة.
وفيما يأتي أهم إنجازات الكتلة المتعلقة بالبعد البرلماني: قدمت الكتلة أداء نيابيا متميزا بالجدية والمثابرة، والحزم عندما تتجاوز الكتل أو رئاسة المجلس الحدود الدنيا، كما حدث في تجاوزات الاستجوابات، لجان التحقيق، التعاطي مع بعض الأسئلة، الجلسات الاستثنائية ومجريات الجلسة الأخيرة من دور الانعقاد الثاني، وقد حركت الكتلة العديد من الملفات من خلال زياراتها الثنائية مع الوزراء، وقد نتج عن ذلك تقديم حلول للكثير من الملفات المناطقية، كالخدمات الإسكانية والإفراج عن غالبية المعتقلين. وقد ساهمت بتحقيق عدد من المنجزات منها تعميم بدل السكن، إقرار علاوة الغلاء، زيادة الرواتب للدرجات الاعتيادية والمعلمين، حماية فشتي الجارم والعظم، حماية ما تبقى من أملاك الدولة، دعم جهود المجالس البلدية، إعادة بعض المفصولين النقابيين، إعفاء الطلبة المبتعثين من ملاحقة وزارة التربية لدفع قيمة الابتعاث وتعميم حراس المدارس.
فيما يتعلق بالبعد السياسي: ساهم أداء الكتلة وخطابها المنفتح والوطني وعقلانية الطرح بأن حظيت الكتلة بالتقدير والاحترام من كثير من الأطراف في الداخل والخارج.
فيما يتعلق بالبعد الإعلامي والتواصل المجتمعي، حرصت الكتلة على أن تكون لها مشاركات يومية في الصحافة، والتواصل المجتمعي، وكان لجريدة الوفاق دور كبير في نقل صورة الحدث السياسي إلى جماهيرها والمراقبين، وكان للمؤتمر الصحافي والملتقى الثقافي الأسبوعي أثرهما في نقل الصورة إلى الرأي العام والمواطنين.
فيما يتعلق بالبعد الدولي والدبلوماسي، حازت الكتلة على الاحترام والتقدير في الداخل، وبصورة أكبر لدى القطاع الدبلوماسي والدولي، فقد حرص معظم السفراء على التواصل مع الجمعية، وكان للمنظمات الدولية المهتمة بالشئون الدولية اهتمام واسع بالكتلة وحراكها. وشارك نوابها في أربعين لقاء عربيا وعالميا نقلت فيها قناعاتها ورؤيتها للأوضاع البحرينية.
فيما يتعلق بالبعد الإداري وجهاز الإسناد، استطاعت الكتلة توفير مقر رئيس للكتلة في منطقة الزنج الجديدة، وشكلت الجهاز الإداري وبعض فرق الإسناد، وقامت بافتتاح مكاتب مناطقية لكل نائب برلماني وبلدي للتواصل المباشر مع المواطنين، ودشنت مكتب للشكاوى العامة في مقرها الرئيس بمنطقة الزنج.
رغم المعوقات التي اعترت المسيرة النيابية فقد استطاعت الكتلة بإخلاصها وإيمانها بالعمل ورغبتها الحقيقية في إحداث حراك سياسي مقنع، وإثراء التجربة النيابية وتحقيق مصالح المواطنين، واستطاعت تجاوز العديد من الصعوبات وبقي من الصعب عليها تجاوز صعوبات أخرى وظلت أمامها كالسد المنيع، وأحالت دون تحقيق مزيد من الإنجازات، نوجزها في الآتي: التركيبة الجائرة التي أفرزها توزيع الدوائر الانتخابية، عدم جدية الحكم والسلطة في إعطاء التجربة النيابية المساحة التي تطمئن المواطنين، وعدم تعاون الحكومة والوزراء في إيجاد الحلول لغالبية المشكلات والقضايا، فضلا عن تدخلهم المستمر وفرض هيمنة حكومية على الكتل الموالية كنوع من رد الجميل، تعقيدات الدستور واللائحة الداخلية ألقت بظلالها على عمل المجلس فاللائحة الداخلية تم تشكيلها من خلال عمليات قص ولصق ولم تراع الخصوصية البحرينية، ولم يؤخذ بوجهات نظر النواب وفرضت عليهم فرضا، إلى جانب سيادة تأثير فكر الغلبة التي جاءت من خلال مراكز عامة ودوائر انتخابية ظالمة، قصور الأدوات البرلمانية في الجانب التشريعي والرقابي والذي زاد الطين بلة أن النواب أنفسهم سعوا إلى إضعاف الأدوات البرلمانية، بدلا من تفعيلها وتوظيفها خوفا على المصالح الشخصية، توقعات جماهير الوفاق العالية لمخرجات المشاركة، رغم وضوح خطاب الوفاق وحجم الصعوبات الموجودة، هناك هرولة لتلمس الإنجازات، في الضفة الأخرى هناك معوقات وهناك رغبات في إفشال دور الوفاق وبالتالي انفصال الوفاق عن قواعدها الجماهيرية التي تراقب دورها.
بموضوعية تامة وبعيدا عن التحيزات والتعصبات، وبعيدا عن الإحباطات المتراكمة والتثبيطات التي تثار على الدوام لصالح المغرضين وضد أداء الوفاق الذي يعد الأفضل والأنصع بشهادة الجميع، فالوفاق رغم كونها لا تمتلك تجربة نيابية كغيرها من الكتل الأخرى لحداثة مشاركتها إلا أنها اليوم تمتلك رصيدا جيدا يتفوق على الآخرين أصحاب التجارب لإخلاصها وتفانيها في العمل ورغبتها في إنجاح التجربة، ولكنها للأسف الشديد لم تقابل لا من قبل الكتل الأخرى ولا من قبل الحكومة نفسها بالانفتاح والعقلانية نفسها، فقد ظلت أسيرة المؤامرات والضرب تحت الحزام لغاية في نفس يعقوب.
حتى لا نتهم بأننا غير شفافين وغير موضوعين، وندافع عن الكتلة التي ننتمي إليها، أدعو المهتمين اليوم إلى الوقوف بموضوعية تامة على التجربة والعمل على تقييمها، للاستفادة من النتائج في تحسين الأداء في الأدوار القادمة، بغض النظر عن القناعات التي نسوّق لها، كما ندعو المحبطين الذين يشعرون بالإحباط اليوم لأن يكفوا عن التثبيط فهناك إنجازات رغم قلتها ورغم سقوفنا العالية وطموحاتنا المرتفعة، وهناك مساحات من الأمل من الممكن التعويل عليها، وعلينا ألا نتعجل الأمور وألا نستبق الأحداث رغم بطء الإصلاحات السياسية وقلة المخرجات البرلمانية علينا أن نوقف التثبيط.
إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"العدد 2101 - الجمعة 06 يونيو 2008م الموافق 01 جمادى الآخرة 1429هـ