لا يمكن لأية قوة في منطقة الشرق الأوسط ان تنافس «اسرائيل». هذا الشعار مثلا لا يقبل النقاش ولا يمكن للمرء ان يجادل ساسة البيت الأبيض في حيازة هذا الكيان المصطنع المتطفل على المنطقة للأسلحة النووية أو استخدامه السلاح المحظور ضد الفلسطينيين.
واذ ان العراق لطالما مثّل تهديدا ضد «اسرائيل» باعتباره قوة عسكرية خطيرة في الخليج ومنطقة الشرق الأوسط وخصوصا من بعد خوضه حربي الخليج الأولى والثانية فكان من الأجدر افتعال هذه الحرب على العراق لتحقيق المآرب الاسرائيلية - الاميركية بحجج واهية ضد النظام العراقي الذي عرف لسنوات طويلة بملفه الدموي للغرب وأميركا تحديدا.
وهنا نتساءل لماذا ضُرب العراق الآن...؟ ضُرب العراق ليحقق بعضا من فصول الفيلم الاميركي الذي يشفي غليل «اسرائيل»، ويحقق مطامعها المشتركة مع ساسة واشنطن الذين يسعون الى الحصول على قطعة من الكعك الذي صنعه الصهاينة لتعزيز نفوذهم الاستراتيجي في المنطقة العربية، فهؤلاء منذ زمن حاقدون على أمة العرب، ومنذ زمن ضالعون في مخططهم الاستيطاني... لكن نفذوا اجزاءه حينما حانت الفرصة المناسبة.
كما لا يمكن المقارنة بين حرب العراق والحربين العالميتين... كونهما كانتا فعلا حربين بمعنى الكلمة أما ما يحدث على أرض الرافدين فهو عدوان صريح تحت مسمى «الحرية والديمقراطية».
أية حرية... وأية ديمقراطية التي يتكلم عنها الساسة الاميركيون؟ كيف لهم ان يخادعوا العالم عبر هذه الشعارات الفارغة؟... فالديمقراطية لا تظهر من أفواه صواريخ «كروز توماهوك» بل تأتي عبر التقرب من الشعوب وتثقيفها.
كيف لرجل عراقي فقد عائلته بالكامل منذ أيام ان يفهم ديمقراطية الصواريخ التي تنادي بها واشنطن؟
ان ما يحدث في هذه الحرب هو احتلال علني وليس تحريرا من أجل الديمقراطية.
ببساطة ضرب العراق جاء أولا لضرب العمق العربي لأنه لايزال يمثل التاريخ والأصالة، وهو الذي حارب آلاف البريطانيين إبان فترة الاستعمار في القرن الماضي.
فأيا كانت استراتيجية البنتاغون التي في الماضي ارتكزت على «الردع والاحتواء» عبر التخويف عن طريق الحشود العسكرية، وحاليا تتبع استراتيجية «الاستباق» من بعد حوادث أيلول، أي تذهب وتدخل أراضي البلد المعني وتعتدي عليه في صورة واضحة للاحتلال تحت مسميات مختلفة كالذي حدث في أفغانستان مثلا البلد الذي لايزال منهارا من كثرة الحروب و بعيدا عن التطور... وهو الذي لا يمكن مقارنته بالعراق وبتاريخه الذي يقول الكثير... والذي لايزال يقدم نماذج لا تنسى عن صموده ولو بالدم..
إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"العدد 210 - الخميس 03 أبريل 2003م الموافق 30 محرم 1424هـ