العدد 2099 - الأربعاء 04 يونيو 2008م الموافق 29 جمادى الأولى 1429هـ

السعودية - إيران وصلاح العالم الإسلامي

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

افتتح أمس في مكة المكرمة المؤتمر الإسلامي العالمي للحوار بين الأديان، في بادرةٍ طيبةٍ للنأي عن سياسة الحروب والمواجهات.

المؤتمر الذي تنظمه رابطة العالم الإسلامي لمدة ثلاثة أيام، تشارك فيه 500 شخصية من العلماء والمفكرين ورجال الدين البارزين، ويهدف إلى تحديد طرق الحوار مع الآخر غير المسلم. وهي بادرةٌ لا يملك المراقب إلاّ أن يحيّيها، لما لها من نتائج إيجابية في حياة المسلمين كافة.

المؤتمر سيغطي عدة محاور مهمة، من تأصيل ثقافة الحوار مع أتباع الرسالات الإلهية والفلسفات الوضعية، ومستقبل الحوار في ظل الإساءات المتكررة لنبي الأمة (ص)، إلى موضوع الأسرة والأخلاق في المشترك الإنساني. سبق المؤتمر لقاءٌ تشاوري بين العاهل السعودي الملك عبدالله والرئيس الإيراني السابق هاشمي رفسنجاني، الذي رافقه وفدٌ من خمسين شخصا، أي ما يشكّل 10 في المئة من الحضور. والأخبار الواردة من مكة تؤكد وجود نيةٍ طيّبةٍ لتنقية الأجواء بين البلدين الإسلاميين الكبيرين، بعدما أصابها من فتورٍ نتيجة أحداث لبنان الأخيرة، مع تأكيد إيراني على الدور التاريخي الريادي للسعودية في المنطقة. وما نشرته «الوسط» أمس، أكّدته وكالة الأنباء السعودية من لقاء الملك عبد الله والرئيس الايراني السابق لتبادل وجهات النظر، تبعته مأدبة عشاء. لقد بات واضحا أن أيّ تقارب بين البلدين سيشيع جوا من الطمأنينة في هذه المنطقة المضطربة، وبالمقابل أي خلاف أو سوء تفاهم سيترجم إلى خلافاتٍ طائفيةٍ في الشارع، خصوصا مع وجود جهات محلية وخارجية تقوم استراتيجتها ومصالحها على تعميق هذه الصراعات.

إذا نظرنا نظرة إسلامية تتجاوز لغة الطوائف والقبائل، فإن السعودية وإيران، كما هي مصر وتركيا وباكستان، من أعمدة المنطقة، وإضعاف أيّ منهما يعني إضعافٌ للآخر. والمؤسف أن هذه النظرة العالمية الناضجة التي كنا نقرأها في كتابات الأربعينيات والخمسينات، تراجعت حتى كادت تصبح غريبة في زمان الطوائف هذا. فالسيادة اليوم للغة الطائفية المشرّبة بالروح العنصرية، التي تبعدنا عن جذورنا ومبادئنا، بسبب السياسات الأنانية قصيرة النظر.

المؤتمر سيضع إطارا للحوار مع المسيحية واليهودية، والملك عبدالله صرّح بأن دعوته جاءت «لمواجهة تحديات الانغلاق والجهل وضيق الأفق، ليستوعب العالم مفاهيم وآفاق رسالة الإسلام الخيرة دون عداوة واستعداء». وخاطب الحضور بقوله: «إنكم تجتمعون اليوم لتقولوا للعالم... إننا صوت عدل وقيم إنسانية أخلاقية؛ وصوت تعايش وحوار عاقل وعادل؛ وصوت حكمة وموعظة وجدال بالتي هي أحسن». هذه الدعوة الحكيمة التي ستقرّب بين العالم الإسلامي وبقية دول العالم، سيباركها كل المسلمين من كل المذاهب، ومن المؤسف أن بعض رجال الدين المتشدّدين حاول استباقها بمحاولة التفريق بين المسلمين أنفسهم، بإصدار بيانٍ يعتبر الحوار بين السنة والشيعة فتنة! ومذهب أهل البيت الذي اعتبره شيخ الأزهر الأسبق محمود شلتوت (رحمه الله) مذهبا إسلاميا خامسا قبل خمسين عاما، عاد هؤلاء إلى القول بأنه مذهبٌ «بُني على أصول كفرية»، واعتبروا أتباعه «شرّ طوائف الأمة وأشدهم عداوة وكيدا لأهل السنة والجماعة»، و»طائفتهم نبتت في جسم الأمة الإسلامية منذ عهود متطاولة بفعل بعض اليهود»! كم كان الملك دقيقا ومصيبا حين وجّه دعوته إلى مواجهة تحديات الانغلاق والجهل وضيق الأفق.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2099 - الأربعاء 04 يونيو 2008م الموافق 29 جمادى الأولى 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً