أثار المؤتمر التاسع بشأن التنوع الحيوي، الذي تنظمه الأمم المتحدة في مدينة بون الألمانية، والذي أنهى أعماله في نهاية شهر مايو/ أيار الماضي، الكثير من الجدل حول جملة من القضايا من بين أهمها الوقود الحيوي والتنوع الحيوي، إذ حذرت المنظمات البيئية من أضرار إنتاجه على البيئة والأمن الغذائي بينما تمسكت بعض الدول المنتجة له بكونه الحل الأمثل لتوفير أمن الطاقة.
ومن بين الأمور التي توقف عندها المؤتمر كانت قضية القرصنة الحيوية (Biopiracy)، التي يفترض أن تضع المنظمات الدولية حدا لتناميها، واتساع نطاق إنتشارها. ومكافحة القرصنة الحيوية تعني وقف تملك شركات خاصة للموارد الطبيعية في دول العالم الثالث ولمعارف السكان الأصليين لابتكار منتجات وأدوية من دون تسديد قرش واحد للشعوب المعنية. وكان على المشاركين في مؤتمر بون عرض خريطة طريق لإنهاء المفاوضات العام 2010 تحتوي على مجموعة من القواعد للحصول على الموارد الجينية وتشاطر المنافع الناتجة من استخدامها.
والقرصنة الحيوية هي نتيجة طبيعية ومنطقية لحركة التعمير والتنمية في الدول المتقددمة مثل أوروبا التي أصبحت خالية تماما من الموارد الوراثية وباتت آلة الصناعة والاقتصاد الأوروبية تبحث عن موارد وراثية لدعم صناعاتها الغذائية والزراعية والصيدلانية .
في المقابل نجد أن الدول النامية وخصوصا الدول العربية منها تضم العديد من الأقاليم البيئية ذات المناخات المتباينة، الأمر الذي شجع على بروز العديد من عمليات القرصنة الحيوية للبحث عن موارد ذات صفات وراثية محددة ما أدى إلى تدمير الغطاء النباتي، وبالتالي الموارد الوراثية التي تعتمد عليها المجتمعات في استمرارها واستقرار برامج التربية النباتية الحيوية والحفاظ على التوازن البيئي ومقاومة ظاهرة التصحر.
هذا التضارب في المصالح زج بالدول النامية في صراعات حادة ضد الدول المتقدمة والشركات متعددة الجنسية. فهناك صراعات تصادمية للسيطرة على الموارد الوراثية، وصراعات تشريعية للسيطرة على حركة الموارد وصراعات اقتصادية للسيطرة على تكنولوجيات استخدام الموارد، وصراعات اجتماعية للسيطرة على حقوق المجتمعات المحلية والمعارف التقليدية المتوارثة.
وبات العالم يشاهد حالات غير محدودة من القرصنة الحيوية التى لم تعد تؤثر فقط على التنوع الحيوى الطبيعى والمزارعين ومادة التكاثر بل، وكما ورد في ورقة مساعد وزير العدل للشئون البرلمانية المصرية حسن البدراوي التي شارك بها في الحلقة الوطنية التدريبية
عن الملكية الفكرية لفائدة الدبلوماسيين التي نظمتها المنظمة العالمية للملكية الفكرية (الويبو) بالتعاون مع وزارة الخارجية اليمنية، في صنعاء، بتاريخ 20 و21 مارس/ آذار 2007 ، التي تقول: «تمتد إلى المعرفة الحيوية والابتكارات وممارسات الجماعات المحلية أو ما يسمى بالمعارف التقليدية للشعوب، وإذ تدعم اتفاقية التنوع البيولوجى حكومات الدول النامية فإنها تطالبها بتوفير المناخ والاستخدام المشروع والإفادة من الموارد الوراثية المحلية، إذ يكون كل ذلك حافزا لحفظ وتطوير مثل هذه الموارد، فإن الواجب الرئيسى للحكومات هو التسجيل العلمى المنظم والتوثيق الدقيق للملكيات الوطنية من الموارد الوراثية والمعارف التقليدية، وهناك حرية كبيرة للتعاون فى هذا المجال بين الدول المتجاورة ذات النظم المتشابهة».
يشاطر البدراوي هذه المخاوف ويتفق معه فيما ذهب إليه من دعوات، الباحث في مرصد البيئة الأردني، منسق برنامج في مكتب اللجنة الوطنية للاتحاد الدولي لحماية الطبيعة، باتر وردم في ورقته المعنونة «تأثير العولمة والتجارة الحرة على البيئة في الأردن»، إذ نجده يحذر، حين يتناول تأثير قوانين منظمة التجارة على شرعية الاتفاقيات البيئية الدولية وأنظمة حماية البيئة الوطنية واستتراف الموارد الطبيعية وإنشاء ملاذات التلوث العالمية والمنتجات المعدلة وراثيا والقرصنة الحيوية والملكية الفكرية، من تعرض «الدول النامية إلى العديد من عمليات القرصنة الحيوية؛ أي سرقة الكائنات النادرة وخصوصا النباتات الطبية من قبل الشركات الكبرى ثم إنتاج أدوية منها والحصول على براءات اختراع خاصة من دون تقديم نسبة إلى دولة المنشأ ومن ثم بيع هذه الأدوية بأسعار مرتفعة حتى في أسواق البلدان التي تمت سرقة النباتات الطبية منها».
يذكر أن في جنوب إفريقيا وحدها 50 في المئة من التنوع الحيوي تقريبا.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 2098 - الثلثاء 03 يونيو 2008م الموافق 28 جمادى الأولى 1429هـ