العدد 2098 - الثلثاء 03 يونيو 2008م الموافق 28 جمادى الأولى 1429هـ

ما قضية المحادثات السورية/الإسرائيلية

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

كان هناك إعلان مفاجئ الأسبوع قبل الماضي مفاده مباشرة السوريين والإسرائيليين محادثات سلام غير مباشرة برعاية تركية في إسطنبول. وقد تم تأكيد ذلك في عواصم الدولتين لاحقا.

في الوقت نفسه تقريبا ذكرت الصحيفة الإسرائيلية اليومية «هآرتس» أن الطرفين كانا قد توصلا إلى تفاهم نتيجة لمحادثات سرية في أوروبا قبل سنتين، بين سبتمبر/ أيلول 2004 ويوليو/ تموز 2006، وأن الطرفين سيوقعان اتفاق مبادئ، ولدى تحقيقهما التزاماتهما سيتم توقيع اتفاق سلام.

تضم الشروط التزاما إسرائيليا بالانسحاب من مرتفعات الجولان إلى حدود الرابع من يونيو/ حزيران 1967، من دون الاتفاق على جدول زمني للانسحاب. طالبت سورية بخمس سنوات بينما طالبت «إسرائيل» بخمس عشرة سنة.

وعلى رغم أن السيادة السورية سيجرى الاعتراف بها على الأراضي التي يجرى الانسحاب منها، إلا أن الاتفاق يضم إنشاء متنزه عام على «مساحة واسعة من الجولان» تستخدم بشكل مشترك من قبل الإسرائيليين والسوريين، ولكن الوجود الإسرائيلي هناك لن يعتمد على موافقة سوريّة».

كما تتحدث الاتفاقية، التي وصفت بأنها «لا ورقة غير موقعة» عن منطقة منزوعة السلام تشكل منطقة تلقي الصدمة بين الطرفين على أساس النسبة 4:1 (من حيث الأراضي) لصالح «إسرائيل»، وسيطرة إسرائيلية على حقوق استخدام مياه نهر الأردن وبحيرة طبريا.

نشرت «هآارتس» بتاريخ 21 مايو/ أيار ملخصا للاتفاق في مقال لعكيفا إلدار مع رابط للنص الكامل للاتفاقية.

إذا كان هذا ما تعنيه «إسرائيل» بالانسحاب من كامل هضبة الجولان فإنه يتوجب على المرء أن يفهم التسرب الذي حصل عند نهاية الشهر الماضي من خلال رئيس الوزراء التركي في هذا الضوء.

وكشفت صحيفة «الوطن» الصحيفة السورية اليومية التي تصدر باللغة العربية بتاريخ 23 أبريل/ نيسان أن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان كان قد أعلم الرئيس السوري باستعداد رئيس الوزراء إيهود أولمرت الانسحاب من كامل مرتفعات الجولان مقابل اتفاق سلام. الشروط المفروضة على سورية، مثل عدم دعم حزب الله وحماس، وخفض نسبة العلاقات مع إيران، ارتبطت دائما بعروض كهذه.

من خلال معرفتنا بأسلوب «إسرائيل» في التفاوض، يصعب أخذ هذا العرض كما يظهر. لن تكشف «إسرائيل» أوراقها التفاوضية مقدما، إذ لم يفعلوا ذلك من قبل أبدا. العكس هو الصحيح. يتفاوض الإسرائيليون بقوة بشأن قضايا هم في العادة على استعداد للتنازل حولها، حتى يتسنى لها تحسين موقفهم في ما يتعلق بالقضايا الأكثر صعوبة.

ولكن إذا كان عرض أولمرت الأخير مبنيا على ما يسمى باللا ورقة، وإذا عنت محادثات اسطنبول الاستمرار على هذا الأساس، فإن القضية يجب أن تكون مختلفة، على رغم أنه من الصعوبة بمكان أن نصدق أن سورية على استعداد لأخذ ترتيب كهذا كأساس لتسوية نهائية.

استبدال الاحتلال بمتنزه عام مشترك لا سيطرة لسورية على الدخول إليه يجعل من أي ادعاء بالسيادة عديم القيمة.

جرى انتقاد أولمرت في «إسرائيل» بسبب مفاجأة المحادثات السورية. اتهمه بعض القادة السياسيين بمحاولة صرف الانتباه عن التحقيق الجزائي بشأن صفقاته المالية الخلافية، التي تضفي ستارا من الشك على قدرته وسلطته في اتخاذ قرارات كبيرة كهذه في فترة عصيبة كهذه، في الوقت الذي يمكن للتحقيق أن يخرجه من منصبه.

ويستطيع المرء أن يضيف أن احتمالات انفتاح السوريين قد يهدف كذلك إلى تشكيل غطاء على الفشل الظاهر على المسار الفلسطيني، على رغم الكثير من الوعود الأميركية والإقناع «اللطيف» لـ «إسرائيل» لاتخاذ أي نوع من إيماءات حفظ ماء الوجه.

لم تقدم «إسرائيل» شيئا أبدا. كان أولمرت، منذ «أنابوليس» وقبلها، تحت ضغط قوي حتى أنه لا يتكلم عن قضايا الوضع النهائي مع أي إنسان. كما أن نشاطات الاستيطان المشوب بالتحدي استمرت بوتيرتها الكاملة. لذلك من المحتمل أن فتح مسار جديد مع السوريين ومحادثات قد تستمر إلى ما لا نهاية ومن دون التزام يذكر من طرف الإسرائيليين، قد توفر تحويل انتباه مناسب على رغم أنه مؤقت.

رد واشنطن كان فاترا، إذ أكدت وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس أن المسار الإسرائيلي الفلسطيني هو «الأكثر نضوجا»، ولكنها لم تعبر عن أي عدم تشجيع صريح.

السؤال هو ما إذا كانت واشنطن مستعدة حقا للسماح لسورية، من خلال مشاركة مع «إسرائيل» في دور متجدد في عملية السلام المتوقعة، أن تضع نفسها في موقف أفضل دوليا. قد يكون السوريون يرون المحادثات المتجددة، حتى ولو أنها لا تعد بشيء يذكر، كطريق خروج لهم أيضا.

شكل اتفاق الدوحة بين الفصائل اللبنانية المتصارعة تطورا آخر لصالح سورية، إذ ربح حلفاؤها في لبنان نتيجته مواقع أفضل. نادى رئيس الوزراء فؤاد السنيورة الذي يفترض أن يكون على الجانب المعارض ضمن كلمة ألقاها في احتفال مقتضب أُعلِن فيه الاتفاق، بشكل محدد وإنما ملفت للنظر بتحسين «العلاقات الأخوية» مع سورية. قد يؤدي كلا التطورين إلى انخفاض كبير في الضغط الدبلوماسي على سورية، ولكن يتوجب على المرء أن يعرف ما إذا كان ذلك مقبولا لدى واشنطن في هذه المرحلة.

يشك بعض المحللين، حسب وكالة «رويترز»، في أن يُنتج عن المحادثات الراهنة أية نتائج قبل مغادرة الرئيس بوش الرئاسة.

وعلى رغم أن تسربات بشأن محادثات سورية إسرائيلية دارت لسنوات كثيرة، إلا أن الحقيقة هي أن المفاوضات الرسمية كانت تعقد أحيانا بين الجانبين منذ مدريد العام 1991، ولكن لم يتم تحقيق أي تقدم. كان من الضروري أن تبدأ المحادثات المتجددة من البداية في كل مرة، والمعتقد أن الأمر سيكون كذلك هذه المرة.

لا شك هناك أن محادثات جدية بين الطرفين بهدف التوصل إلى تسوية ستشكل اختراقا رئيسيا. وهي خطوة مهمة ستساهم بشكل كبير في السلام والاستقرار في المنطقة وستكون لها آثار إيجابية على المسارات الأخرى. ولكن التركيبة الجديدة، ولسوء الحظ، محاطة بمؤشرات مريبة وظروف غير واضحة. قد يكون الوقت قد حان أخيرا لحصول أعجوبة، سيُرحَّب بها بدفء كبير.

*سفير الأردن السابق لدى الأمم المتحدة،

والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند»

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 2098 - الثلثاء 03 يونيو 2008م الموافق 28 جمادى الأولى 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً