نقل موقع « سي إن إن» عن مسئولين فيدراليين أميركيين قولهم إنهم «يحققون منذ نصف عام، وعلى مستوى البلاد بأكملها، في أنشطة النفط الخام، مع التركيز على احتمال وجود تلاعب بالأسعار». ونقل الموقع أيضا مجموعة تصريحات لخبراء مال ونفط عكست في كثير من جوانبها احتمالات وجود تلاعب في أسعار مصادر الطاقة، ومن بينها النفط، بعيدا عن قوانين السوق، ومن دون أن يكون للدول المنتجة أية يد فيها. ومن ضمن ما نقله الموقع قول محلل سوق النفط فاضل غيث إن مايجري هو عبارة عن «مهزلة... فهم من سمحوا للسوق بأن تصل إلى ما وصلت إليه.» أما المحلل النفطي مايكل غورهام فقد اعتقد أن «قرار فتح التحقيق تمّ اتخاذه تحت ضغوط سياسية».
وموضوع التلاعب بأسعار النفط، وخصوصا في السوق الأميركية، ليست مسألة جديدة، ففي منتصف العام 2007 صوت مجلس النواب الأميركي على مشروع قانون يفرض عقوبات على كل من يثبت تلاعبه بأسعار البنزين التي بلغت مستوى تاريخيا في تلك الفترة. كما صوت النواب على مشروع القانون بغالبية 284 صوتا مقابل 141 والذي يدعو كلا من اللجنة الفيدرالية للتجارة ووزارة العدل إلى تعقب شركات النفط والتجار والوسطاء في حال ثبت «استفادتهم غير العادلة» أو ثبت أن سياسة التسعير التي يتبعونها تتضمن ضرائب زيادات مبالغا فيها، فيما يتعلق بأسعار النفط ومشتقاته.
في الفترة ذاتها دعا الرئيس الأميركي جورج بوش، كما تناقلت وكالات الأنباء حينها، وبفعل ضغوط بشأن ارتفاع أسعار البنزين، إلى إجراء تحقيق بشأن احتمال حدوث عمليات غش في الأسواق. وأوضح الناطق باسم البيت الأبيض، سكوت ماكليلان، حينها، أن بوش «طلب خلال الأيام القليلة الماضية من وزارتي الطاقة والعدل فتح تحقيق عما إذا تم التلاعب بأسعار البنزين بصورة غير مشروعة».
وكما يبدو في الأفق فإن الأسواق مقدمة على ارتفاعات مستمرة في أسعار النفط، نظرا لتلاعبات المضاربين والسمسرة، الأمر الذي يجعل السوق، ومن ثم المستهلك تحت رحمة أولئك المضاربين، وليس كما تحاول أجهزة الإعلام الغربية الترويج له حين تلقي باللوم على الدول المنتجة، وخصوصا الأعضاء في منظمة «أوبك».
هذا ما يحاول أيضا أن يؤكده المحلل الإقتصادي في محطة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) أحمد مصطفى، حين يقول إن «هذا التوجه (أي ارتفاع الأسعار) لا يعكس المنحى الموسمي التقليدي لأسعار النفط إذا كانت تعتمد على أساسيات السوق من عرض وطلب، إذ إن الطلب يتراجع تقليديا في الربعين الثاني والثالث من العام ... كما أن السوق مشبعة بالخام، كما أكد أمين عام (أوبك) ولا يوجد أي نقص في المعروض على رغم بعض المشاكل في أماكن الانتاج ... إنما العامل الأساسي في ارتفاع الأسعار، واحتمال استمرار ارتفاعها، هو الدخول الكثيف لصناديق الاستثمار إلى سوق العقود الآجلة ومضارباتها على الأسعار (إذ) تظل المضاربة عاملا أساسيا في ارتفاع الأسعار».
ويبدو أن التلاعب بأسعار النفط لم تعد تخفى على الكثيرين ممن يتابعون حركة أسواقه، ومؤخرا صدر عن شركة المطبوعات للتوزيع والنشر في بيروت كتاب «لعبة قديمة بعمر الامبراطورية»، تقديم جون بيركنز، وأشرف على التحرير ستيفن هيات.
ووفقا لصحيفة «المستقبل» اللبنانية يتطرق الكتاب إلى «التلاعب بأسعار النفط بفائض الدولارات في المصارف الدولية ويتابع مسير المال القذر المتدفق من البلدان الفقيرة إلى مصارف تعمل بإدارة مصارف أميركية وعمليات تبييض الأموال والاتجار بالمخدرات».
الكتاب يتناول أيضا أعمال الغش والاحتيال في مصرف «BCCI» وتغاضي السلطات المصرفية عن ذلك، وما لها من نفوذ كبير على الحزبين الجمهوري والديموقراطي. ثم يضع الكتاب أمام القراء وقوع 4 ملايين ضحية في الكونغو، فقط لينعم الغرب بهواتف وحواسيب محمولة رخيصة الثمن، كما يشرح استراتيجية البنك الدولي بتحويل مال الإنماء الى جيوب النخب الفاسدة، كما يلقي الكتاب المزيد من الأضواء على مصير نفط العراق الذي تؤخذ القرارت بشأنه في الغرف المغلقة.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 2097 - الإثنين 02 يونيو 2008م الموافق 27 جمادى الأولى 1429هـ