العدد 2097 - الإثنين 02 يونيو 2008م الموافق 27 جمادى الأولى 1429هـ

سجن «الحائر»... وحيرة الثمانية وأهاليهم

جعفر الجمري jaffar.aljamri [at] alwasatnews.com

-

يبدو أن الحكومة والمعنيين هنا قد «غسلوا» أيديهم تماما من موضوع المعتقلين الثمانية في سجن الحائر بالمملكة العربية السعودية. وصلتني رسالة من أحد أشقاء الموقوفين، تعبِّر خير تعبير عن واقع الحال الذي تتعامل به الحكومة مع المعتقلين الثمانية. تكررت رسائل المناشدة للقاء من يهمهم الأمر للوقوف على حقيقة مصيرهم، إلا أن كل تلك الرسائل ذهبت أدراج الرياح.

ما يفاقم من مأساة ومحنة المعتقلين الثمانية أنهم قضوا أكثر من 3 شهور في سجون انفرادية، البعض منهم يعاني من تأزم في وضعه النفسي. هذا الكلام لن يسبر أغواره ولن يحيط بتفاصيله إلا الذين مروا بمحنة السجن الانفرادي وما يتبعه من تضييق وممارسات لا مجال هنا لذكرها.

إلى اليوم لم تكشف السلطات في المملكة العربية السعودية، بل لم تلمِّح لتقديمهم إلى المحاكمة، الأمر الذي يتطلب تقديم لائحة اتهام. مثل هذا السكوت هو جزء من الإمعان في التضييق ومضاعفة المحنة التي يتعرض لها المعتقلون.

وعودة إلى حكومة مملكة البحرين، التي اكتفت بحافلة أو حافلتين نقلت من خلالهما الأهالي إلى الرياض، وقضوا ساعات في أحد فنادقها، وزيارة زادت من لوعتهم ومحنتهم هم أيضا وخصوصا مع انتهاء طقوس اللقاء بكل مايكتنفه من عواطف حارة، إذ المصير المجهول لأبنائهم هو المتسيِّد والمختلط بتلك الانفعالات، على رغم «بنادول» التطمينات، والتصريحات «المرفهَّة» التي طلع علينا بها أكثر من طرف ومسئول.

لذلك لم يكن مستغربا ما عمدت إليه السلطات البحرينية برفد السعودية بمعلومات ثانوية وشخصية عن المعتقلين لاستخدامها في التحقيق أملا في التأثير على نفسياتهم، وهو ماحدث.

ثمة رمزية لمكان اعتقال الثمانية (سجن الحائر)، إذ تم الزج بعدد من المعتقلين فيه، سواء من السعوديين أو غيرهم، وغالبية الذين يكونون في ضيافته إما أن يكونوا تحت رحمة السجن الإداري، من دون تقديم الموقوفين فيه إلى محاكمات، أو انتداب محامين عنهم، عدا معرفتهم بلائحة الاتهام، وإما هم ممن كتب الله لهم الخلاص فيقدَّمون إلى محاكمات بعد أن يقضوا ردحا من الزمن فيه.

إذا كانت الحكومة، وعلى رغم اختفاء الثمانية لمدة 4 أيام لم يعرف مصيرهم أحد من أهاليهم، وعلى رغم قيام الصحف بنشر خبر اختفائهم، ومحاولات بعض الأهالي الاتصال بالجهات الرسمية، لم تحرك ساكنا وقتها، يحق للأهالي أن يصابوا بيأس مضاعف: يأس من تحريك ملفهم المعطَّل، أو الذي يراد له أن يكون معطَّلا، واليأس من أن تتعامل السلطات في المملكة العربية السعودية بروح القانون الذي يكفل للمعتقلين حقوقهم، وللسعودية المحافظة والحرص على أمنها الذي لا يمكن لمسلم أو حر أن يزايد عليه، خصوصا وأن الثمانية كانوا في إجازة عمل إلى الرياض، وضلوا الطريق التي أوصلتهم إلى منطقة عسكرية.

كنا نتمنى أن تتعامل الحكومة مع مواطنيها الثمانية، وخصوصا فترة اختفائهم، عدا معرفتها باعتقالهم، كما تتعامل مع الأشياء. كنا نتمنى أن تتعامل معهم كما تتعامل مع اختفاء طائرة من دون طيار تملكها الحكومة، أو كما تتعامل مع اختفاء أي أصل من أصولها (بالمفهوم الاقتصادي). هذه اللا مبالاة تكشف عن تمييز واضح وبيِّن، بدليل المناشدات والرسائل التي ملَّ الأهالي وهم يبعثونها إلى من يهمهم الأمر.

أحد إخوة المعتقلين في رسالته التي بعثها إليَّ قال في بعض فقراتها: «ما يخشاه الأهالي أن الحكومة على علم بمصيرهم وهي لاتبدي أي تحرك ولو كانت القضية معكوسة وكان المعتقلون من السعوديين في البحرين لما مر على اعتقالهم أكثر من 48 ساعة».

ومن ضمن ما جاء في الرسالة: «يخشى الأهالي أن الدولة تعلم مدة احتجاز الثمانية لذلك لم تستجب الجهات المسئولة لمقابلتهم على رغم المراسلات والمناشدات الكثيرة».

هل نصطنع يأسا وندَّعي تمييزا حين تترك الدولة بعض أبنائها في مهب ومحنة كهذه، من دون أن تكلِّف نفسها عناء التحرُّك ولو في درجاته الدنيا؟.

إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"

العدد 2097 - الإثنين 02 يونيو 2008م الموافق 27 جمادى الأولى 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً