تقف مذهولا حين ترى استماتة بعض الطامحين الحالمين البحرينيين عندما يسعون وراء العلم ونحو تطوير مستواهم العلمي والاكاديمي، وأحد هؤلاء الطامحين يحكي قصته بمرارة حين ترك التعليم منذ أكثر من 10 سنوات، ولكن إصراره على إعادة المحاولة والحصول على الشهادة الثانوية على رغم أنه يعمل ومتزوج ولديه مسئوليات وأولاد قد تحث البعض على مواصلة المسير.
صاحبنا هذا رأى السبيل في المدارس الحكومية لكي يحقق أحلامه ويسعى نحو النجاح، لكنه بالطبع لن ينضم إلى صفوف الطلاب الصباحية وهو يفوقهم سنا بعشر وعشرين سنة، لكنه كذلك لن توقفه بعض الأمثال مثل «بعد ما شاب ودوه الكتاب» وهو من أكثر الأمثلة تشجيعا لكي يواصل الإنسان علمه فعلم الانسان من الصغر وحتى الكبر.
ونعود للرجل الطموح، فقد انضم لنظام المنازل الذي يقتضي بأن يقوم الطالب بدراسة المواد دراسة ذاتية بعد أن يقوم بشراء الكتب ولكي يمتحن مع الممتحنين في نهاية كل فصل دراسي.
ولكن الأحلام قد تتحطم على صخرة الواقع، وهذا فعلا ما حدث مع صاحبنا، فهو أدرك تماما أنه عاجز عن فهم كل المقررات الدراسية أو بعضها، ما جعله في متاهة من أمره، فلا هو يستطيع ترك عمله والجلوس على مقاعد الدراسة كما أنه بعد أكثر من عشرة أعوام لم يعد قادرا على استيعاب أو تذكر ما درسه حين كان طالبا.
إن إصلاح التعليم، الذي تقوده البلاد كجزء من خطة الإصلاح الاقتصادي يهدف إلى إكساب جميع البحرينيين المهارات والعلم الكافي لتطوير أنفسهم وبالتالي تطوير مقدراتهم مع سوق العمل، أكرر جميع البحرينيين، وإذا كان الدستور والقانون أعطى للبحرينيين حق تلقي العلم فمن الواجب على المؤسسات العاملة على هذا الشأن أن تصوغ الأنظمة المناسبة لتحقيق هذا الطموح.
إن نظام التعليم الذي خلق من أجل حل مشكلة ما ولتلبية احتياجات شريحة محددة وإن نجح في بعض أو كثير من الأحيان في ذلك إلا أن ذلك لا يعني أنه نظام متكامل بامتياز وناجح في التعامل مع كل الحالات، وإنت كان الأقلية هم من يعانون المشكلات فلا يعني ذلك إبقاء المشكلة من دون حل لتبقى سنوات وسنوات ويتراكم عدد البحرينيين من غير حاملي الشهادة الثانوية التي أصبحت أقل ما يعتبر في مجال التعليم، بعد أن أصبح التعليم الجامعي أمرا حتميا لكل إنسان فكيف بالطامح في أن يكمل تعليمه بمقدرته المادية والذهنية المتواضعة، إذا جاز لنا التعبير، وهو لا يتلقى المساعدة الأساسية في تعليمه ويعطى الكتب ويطلب منه المجيء للامتحان على رغم أن التعليم الالكتروني وعن بعد حظي بمكانة لا بأس بها الآن، لكن هذا لا يعني أن ذلك يمكن تطبيقه في هذا الوقت وفي هذا المكان تحديدا.
إقرأ أيضا لـ "علي الفردان"العدد 2096 - الأحد 01 يونيو 2008م الموافق 26 جمادى الأولى 1429هـ