العدد 2095 - السبت 31 مايو 2008م الموافق 25 جمادى الأولى 1429هـ

الخليجيون ولعنة النفط

عادل مرزوق Adel.Marzooq [at] alwasatnews.com

-

يبدو أن صورة الخليجي «المخبول» العامر جيبه بأموال النفط ستعود مجددا إلى الرواج في بعض الدول العربية والغربية التي اعتادت بعض مرافقها السياحية على التعامل مع الخليجيين وفق هذه المتراجحة ومن هذا المنظور فقط، فهم في النهاية مجرد أثرياء يبيعون خيرات أرضهم التي أتتهم صدفة بمليارات الدولارات، والإنسان مجبول على الانسياق لشراهة الإنفاق في ما لم يسع في كسبه.

وإذا كان بعض طبقة المتنفذين في الخليج السبب الرئيسي في رواج مثل هذا الاعتقاد فإن حربي الخليج الثانية والثالثة قد تفضلتا بتصحيح بعض هذه الصورة المغلوطة، خصوصا حين فرغت الخزائن وخرج من خرج ليدعو أبناء الخليج إلى شد الحزام إلى أقصاه إلى ما كاد يصل إلى حد القطع.

اليوم تعود طفرة نفطية من جديدة وتعود التهمة من جديد على البطون الخاوية والأحلام المؤجلة لأبناء هذه المنطقة المسحورة بلعنة النفط. عادت خزائن الخليج عامرة بالمليارات وأصبح الدين العام مجرد أرقام تافهة قبالة ما تخرجه هذه الأبار القائمة على رؤوس الناس من دولارات. وما خلا أن البيانات الاقتصادية تشير إلى نمو الاقتصاد الخليجي - والمقصود بالطبع هو نمو ممتلكات وناطحات سحاب ومشروعات بعض أبناء الخليج - فإن شيئا مما قد يرتبط بما يساعد المواطن الخليجي على مقاومة هذا الجنون في النمو لم ينمو.

المواطن الخليجي البعيد عن مراكز النفوذ والقوة والقرار السياسي لا علاقة له بالنفط، وإذا كانت الدول العربية الغير نفطية تبث شكواها جراء ما وصلت إليه هذه الطفرة في الأسعار من جنون، فإن ذلك المعني - المواطن الخليجي - بالربح والنمو وجني المليارات هو أسوأ حالا وأَمَرْ لسببين اثنين، الأول: لأنه لا يملك من هذه البترودولارات إلا الوعود التي يطلقها كبار مسئولو الدولة ووزراء الخزانة والقائمون على خطط التنمية، وليس يخفى على أحد من الناس أن الوعود العربية هي الوعود العربية سواء أطلقها الفقير منهم أو الغني، فهي وعود لا تستحق أن تنصت/ تستمع/ تهتم لها فضلا عن أن تصدقها. والثاني: هو أنه في الوقت الذي يبث فيه فقراء النفط في الدول العربية شكواهم جراء هذه الأزمة فإن سكان العالم يصدقونهم، أما فقراء النفط في الخليج فهم كاذبون، بل هم غالبا يكدسون الدولارات في أرقى المصارف السويسرية خوف الحسد.

أبسط مظاهر هذا التكذيب ذلك السؤال الذي أطلقه أحد المراكز الإستراتيجية في الولايات المتحدة قبل مدة حين أكد أن دول الخليج والخليجيين هم أباطرة المال، التقرير اختتم صفحاته بسؤال عن الوجهة التي يذهب لها كل هذا المال؟. إلى جيوب أفراد يذهب هذا المال لا إلى جيوب دول، ونعود لأول ما بدأنا به، إن «الإنسان مجبول على الانسياق لشراهة الإنفاق في ما لم يسع في كسبه».

إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"

العدد 2095 - السبت 31 مايو 2008م الموافق 25 جمادى الأولى 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً