ستختلف التكهنات المفسرة للكلمات التي نطقها الأمين العام لحزب الله أمس الأول حينما قال: «قريبا جدا سيكون سمير (القنطار) وإخوة سمير بينكم في لبنان»، وستتخذ التكهنات تأويلات بعيدة جدا بين البصيرة السياسية والبصيرة الغيبية. هذه الكلمة بلا شك تعبّر عن ثقة المجرّب، فيما هي للمراقبين تأكيدات بوجود مفاوضات تجري وراء الكواليس مع جهات إسرائيلية بوساطات غربية.
حزب الله بقيادته الحكيمة الواعية يضع عبر خطابه الجماهيري ومشروعه العملي منهجا تجد كل الحركات التحررية في العالم العربي والإسلامي نفسها مجبرة على ترسّم معالمه، بما فيها الندّ لحزب الله «القاعدة» . والحزب يرسم واقعا جديدا لـ «سلام الشجعان»، ومن يدري فلربما وجدنا «إسرائيل» مجبرة يوما ما على طلب توقيع اتفاقات هدنة مع حزب الله، على عكس ما يجري الآن مع حماس التي تطلب هي الهدنة. في زمن المسارعة إلى التطبيع والدعوات إلى الإقرار بالواقع الموجود الذي لا مفرّ منه تتوالى إنجازات حزب الله، فها هو الحزب بزعيمه العربي يضع خريطة لواقع المنطقة خلافا لإحباطات الشعوب العربيّة أو مخطّطات المثبّطين، داعيا كل الأحرار والشرفاء إلى دراسة جدية لاستراتيجية «التحرير والدفاع» في ظل موازين القوى القائمة في المنطقة، تلك الاستراتيجية التي طبّقها ولا يزال، ويفخر بأن غزة تسير وفقها بوصفها استراتيجية ناجحة على رغم «عدم وجود أيّ توازن وتكافؤ في القوى والإمكانات التسليحية والاقتصادية والمادية والدعم الدولي». إنّه تطبيع، ولكنه مفارق عن تطبيع الذلّ والهوان الموجود إلى تطبيع بنكهة العز والغلبة.
العدد 2091 - الثلثاء 27 مايو 2008م الموافق 21 جمادى الأولى 1429هـ