تعرّف منظمة العمل الدولية العاطل بأنه الشخص القادر على العمل، والراغب في العمل والباحث بجد عن عمل. وهذا التعريف الدولي هو الذي تأخذ به وزارة العمل في مملكة البحرين كغيرها من الدول. كما أن هذا التعريف هو الأساس الفلسفي والقانوني الذي بنيَ عليه قانون التأمين ضد التعطل.
وعلى إثر صدور النشرة الشهرية لمستحقي إعانات التعطل لشهر أبريل/ نيسان وما تضمنته من بيانات وإحصاءات شهرية متعلقة بالعاطلين المستحقين لإعانات التعطل وأولئك الذين تم استبعادهم من قوائم العاطلين بسبب توظفهم أو رفضهم الوظائف المناسبة المعروضة عليهم أو عدم التزامهم بالإجراءات القانونية المتمثلة في مراجعة الوزارة وحضور المقابلات ومتابعة إجراءات التوظيف والترشيح المقررة، فقد برزت مجموعة من التساؤلات وأثيرت بعض الانتقادات والملاحظات التي تفتقد في بعض جوانبها الدقة والمعرفة بالقواعد والإجراءات المتبعة في هذا الخصوص، لذلك رأينا تقديم الإيضاحات الآتية:
أولا: حول معايير واشتراطات التعطل واستحقاق الإعانة
تصرف الوزارة الإعانات طبقا لقانون التأمين ضد التعطل، الذي أصدره عاهل البلاد جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، في نوفمبر/ تشرين الثاني 2006 وصادقت عليه السلطة التشريعية في مارس/ آذار 2007.
ويضع هذا القانون شروطا ومعايير يجب أن تتوافر في كل بحريني عاطل سجل اسمه لدى الوزارة، وذلك حتى يستحق الإعانة. وتفصل المادة (17) من القانون هذه الشروط والمعايير التي من أهمها القدرة على العمل والرغبة فيه واستمرار البحث عنه بجدية، من خلال الحضور الشخصي إلى مركز التوظيف مرة على الأقل في الأسبوع وكلما طلب منه ذلك، مثل حضور معارض التوظيف التي تقيمها الوزارة في المحافظات المختلفة وقبول الفرص التدريبية المناسبة التي تعرضها عليه الوزارة.
فبعد أن يسجل العاطل اسمه في سجل الباحثين عن عمل تقوم الوزارة بإجراء اختبار لتحديد المستوى ثم إدخاله في دورة أخلاقيات العمل ثم تعرض عليه وظيفة مناسبة لمؤهلاته وخبراته. وإذا رفض الوظيفة تعرض عليه وظيفة ثانية مناسبة. وفي حال رفض الوظيفتين المناسبتين من بين عدد من الفرص المعروضة عليه يعتبر غير جاد في البحث عن عمل ومن ثم يسقط حقه في الإعانة. وفي حال رأى العاطل أن وظيفة ما لا تناسب مؤهلاته فله أن يتظلم في قسم التظلمات في الوزارة لكي لا يحتسب رافضا لها.
وفي الحالات التي لا تستطيع الوزارة توفير وظيفة مناسبة للعاطل تعرض عليه دورة تدريبية تؤهله لسوق العمل ويستمر خلالها في تسلم مكافأة حضور الدورة. وإذا لم تتوافر الدورة التدريبية المناسبة تصرف له الإعانة لمدة ستة أشهر مع عدم الإخلال بالشروط والمعايير.
وعلى رغم أهمية الالتزام بهذه الإجراءات فإن استبعاد أي عاطل من قائمة المستحقين بسبب عدم الالتزام وإثبات الجدية لا يعني سقوط حقه في الإعانة خلال الفترة المقبلة، ذلك أن باب التظلم كما أشرنا مفتوح أمامه لإثبات وتقديم أية أسباب مقنعة ومشروعة لعدم التزامه بالشروط والمعايير المحددة وفي حال قيامه بذلك فإن الوزارة ستعمل على تسجيله مجددا وإتاحة الفرصة له مرة أخرى لكي يثبت التزامه... وجديته ومن ثم إعادته لقائمة المستحقين بحسب النظام.
أما بخصوص من لا يمتلكون أي أسباب مقنعة ومشروعة لعدم التفاعل مع الوزارة وإثبات الجدية، فإن الوزارة ستقبل تسجيلهم في المشروع مرة أخرى بعد مدة فاصلة وهي ثلاثة أشهر.
ثانيا: إجراءات التيسير والمرونة في بداية تطبيق النظام
عملت وزارة العمل على تخفيف وتيسير إجراءات ومعايير استحقاق إعانات التعطل في المراحل الأولى من تطبيق النظام مراعاة لعدم دراية المتقدمين للتسجيل في مراحل التطبيق الأولى بتلك المعايير والاشتراطات ورغبة من الوزارة في إعطاء الجميع فرصة كافية لإثبات جديتهم في قبول فرص العمل المناسبة وفهم واستيعاب معايير وشروط الاستحقاق، ومن أوجه التخفيف والتيسير التي تم اعتمادها:
1 - عندما دخل قانون التأمين ضد التعطل حيز التنفيذ تم فتح باب التسجيل للجميع لإعطائهم فرصة متساوية لإثبات جديتهم والتزامهم بالمعايير والشروط القانونية لإثبات مدى جديتهم. وقد شمل ذلك أولئك الذين سبق أن قامت الوزارة بغلق ملفاتهم بسبب عدم إثبات الجدية أو بسبب ترك أو رفض الوظائف أو الانسحاب من برامج التدريب، كما شمل ذلك ربات البيوت وكبار السن (أقل من 59 سنة) الذين تشير المعلومات الأولية إلى أنهم إنما يقصدون الحصول على إعانة التعطل (على أساس أنها مكرمة!) وليس البحث الجاد عن عمل، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع ملحوظ في عدد المسجلين وبالتالي ازدياد عدد الذين يتم استبعادهم بعد ذلك بعد التأكد من عدم جديتهم وإخفاقهم في الالتزام بالاشتراطات والمعايير المقررة لاستحقاق إعانة التعطل.
2 - عدم استبعاد الأشخاص الذين لا يراجعون الوزارة ولا يستجيبون للنداءات والاتصالات ولا يحضرون معارض التوظيف على رغم تلقيهم الدعوات إلى حضورها، إلا إذا بلغت فترة الامتناع عن الاستجابة مدة شهرين أو أكثر على رغم ما ينص عليه القانون بشأن الالتزام بالمراجعة الدورية الأسبوعية، وهو معيار على رغم ما ينطوي عليه من تسهيل وتيسير فقد تم تطبيقه للمرة الأولى في شهر أبريل/ نيسان 2008، وبعد أن مضت أربعة أشهر على بدء تطبيق النظام وإتاحة فرصة أكبر للتعريف بالمعايير والاشتراطات القانونية للاستحقاق.
3 - استبعاد وإسقاط شرط المراجعة والحضور في الحالات التي لا تتوافر فيها وظائف لائقة ومناسبة متوافقة مع مؤهلات الباحثين عن عمل من فئة الجامعيين، وعليه تم إعادة إدراج (602) جامعي لقائمة شهر أبريل الماضي ليكون العدد لمجموع المستحقين لشهر أبريل (6764) بدلا من (6162) كما أعلن سابقا على افتراض أن فرص العمل لم تكن متوافقة بشكل كافٍ مع تخصصات ومؤهلات أولئك الجامعيين.
4 - عدم تطبيق المعايير والشروط المقررة على الخريجين الجامعيين الواردة أسماؤهم ضمن قائمة (1912) التي أحالها مجلس الوزراء لصندوق العمل وديوان الخدمة المدنية لتولي مسئولية توظيفهم أو إعادة تأهيلهم حيث لن يتم استبعاد هؤلاء من قوائم الاستحقاق إلا في حالة مضي المدة القانونية القصوى للاستحقاق (ستة أشهر) أو بدء إجراءات توظيفهم أو إعادة تأهيلهم وفق البرنامج الذي يعده صندوق العمل.
ومهما بلغت درجة المرونة وأسباب التيسير، فإن الغاية الأساسية من هذا النظام تبقى ماثلة في السعي الجاد إلى نيل شرف العمل وليس الاكتفاء بالحصول على الإعانات المالية والنزوع إلى التكاسل والاتكالية.
كما لابد من معالجة وتصحيح الانطباعات الخاطئة بشأن إعانة التعطل والتفريق بينها وبين المساعدات الاجتماعية التي تقدمها هيئات حكومية أخرى وجمعيات وصناديق خيرية. فهذه المساعدات تمنح لكل محتاج حتى لو جلس في منزله من دون عمل. أما إعانة التعطل فتشترط إثبات الجدية في البحث عن عمل وغيرها من الشروط المذكورة أعلاه. والانطباع الخاطئ الثاني هو اعتقاد البعض بأن كل من حصل على الإعانة مرة واحدة سيستمر يحصل عليها تلقائيا حتى يستنفد الأشهر الستة (المدة القصوى) التي نص عليها القانون. وهذا غير صحيح لأن استمرار الاستحقاق مرهون باستمرار إثبات الجدية والالتزام بباقي الشروط، وبحسب ما أشارت إليه العبارة الافتتاحية في هذا المقال.
إقرأ أيضا لـ "مجيد العلوي"العدد 2088 - السبت 24 مايو 2008م الموافق 18 جمادى الأولى 1429هـ