في الوقت الذي وافقت الجمعيات السياسية المعارضة على الدخول ضمن قانون الجمعيات السياسية وصحّحت أوضاعها بعد ذلك الإعلان، هاهي اليوم ترفض الانصياع للقانون. وفي الوقت الذي تريد هذه الجمعيات أن تثبت للجميع أنها تكونات سياسية لا طائفية، هاهي تقف ضد القانون الذي يمنع عقد الجمعيات العمومية في المساجد ودور العبادة، لتؤكد مجددا أنها جمعيات مآتم وطوائف لا جمعيات سياسية من المفترض تمثيلها البحرينيين كافة.

إن الحديث عن أن هذه الجمعيات لا تمتلك القدرة المالية على استئجار القاعات أو المراكز التي تستطيع جمع منتسبيها حديثٌ فارغٌ وغيرُ منطقي وخصوصا في ضوء ما تمتلكه من إمكانات مالية وبشرية. كما أن خرق القانون من قِبلها - في حد ذاته - مدعاة للتساؤل عن مدى صدقية خطاباتها وانتقاداتها المتكررة لمؤسسات الدولة ووزاراتها حين لا تلتزم بتطبيق القانون.

القانون هو القانون. لا يجوز لمؤسسات الدولة أن تعبث به. وكذلك هي الجمعيات السياسية مطالبة بألا تكون خارج غطاء القانون؛ مما يعني ضرورة الابتعاد عن دور العبادة وجعلها مقارَّ سياسية أو إعطاء هذه الجمعيات السياسية صيغة تمثيلية للمسجد أو المأتم، وجميعنا يعلم تلك الدلالات التي تنشأ عن اجتماعات أي منظومة سياسية داخل أي مسجد ومأتم.

إن التزام جمعيتي «العمل الإسلامي» و «الوفاق الإسلامية» هو بمثابة تأكيد حرفية عمليهما السياسي وهو أيضا تأكيد علة مدنية هذه المؤسسات وانصياعها لحكم القانون الذي تطالب هاتان الجمعيتان الدولة ومؤسساتها الانصياع له والالتزام به.

للدولة الحق في هذا السياق أن تطبق لائحة العقوبات على الجمعيتين إن أصرتا على خرق القانون، كما أن للجمعيتين ولأي مؤسسة مدنية أو مواطن الحق في اللجوء للقضاء حين تخرق أي مؤسسة حكومية أو وزارة ما القانون.

إن الجمعيات السياسية المعارضة التي ترتكز في خطابها على ضرورة الالتزام بحاكمية القانون لابد ألا تكون أول من لا يلتزم به. ومن هنا، يبدو إصرارها على عقد جمعياتها العمومية في هذه الأماكن تأكيدا لسلسلة التناقضات التي تعيشها والتي لا تريد هذه الجمعيات أن تعرف بها.

لا تملك أي جمعية سياسية الحق في أن تجعل دور العبادة أو المآتم أو باحات المساجد حواضنَ لفعالياتها السياسية. وخلاف ذلك، لتغير هذه الجمعيات من أوضاعها القانونية من جمعيات سياسية لمؤسسات دينية لا تشتغل في السياسة، وحينها فقط، فلتعقد اجتماعاتها كيفما تشاء وترغب.