لا يكاد يختلف اثنان على أنّ المشروع الأميركيّ لمنطقة الشرق الأوسط قائم على إزالة كلّ أسباب الممانعة المتمثلة في حركتي حماس وحزب الله اللتين كان لحضورهما أخيرا دور بارز في تغيير المخطّطات المرسومة، ما يحتّم على أميركا اللجوء للخطط البديلة عبر خلط الأوراق أمام الحركتين، واستثمار التقارب/ المصالح مع الجوار لإطلاق تهمة «التدخل الأجنبي»، تمهيدا لحملة إعلاميّة تسبق العسكريّة (ولو بواسطة).

وانساقت مع تلك الدعاية وسائل إعلاميّة انتخبت توصيف «الانقلاب» لعنونة مرحلتين تاريخيّتين، مع إسباغ شيء من البُهارات الطائفيّة التي تؤجّج بلا شك المشاهد العربيّ الذي تتغذّى أوردته على الإعلامَيْن العربي المؤدلج والغربي الموجّه، وحينها تضيع فرصة الآخر في الدفاع عن نفسه، وتتحطّم كلّ الأعراف الديمقراطيّة. ولقد جرى فعلا إيقاع حماس أمام شارعها الذي أعتقد أنّه لن يصمد أكثر بعد التجويع وسط صمت عربيّ وعالميّ مُريب يهدف إلى التخلّص أولا من ضيف الديمقراطيّة الثقيل ليكون الوقت مناسبا ساعتها لإنقاذ الأبرياء، وهكذا أريد من وراء حرب تموز، فما أسهل الإعمار وفق هندسة أميركيّة من جيوب براميل النفط. وأخيرا كاد السلاح الطائفيّ أن يعمل فتكا لولا مسارعة المقاومة إلى الانسحاب مع المساعي العربيّة الأخيرة للحلّ.

سيُعقد الاتفاق بين المعارضة والموالاة، ولكنه لن يصمد أمام ضغوط أميركيّة - فعربيّة، فالهدف تقليم الأظافر إمّا تقليما بطيئا كما في غزّة، أو سريعا عبر حسم عسكريّ لا يبدو أنه بعيد عن لبنان، وسيبقى الرّهان على الحركتين بالاحتفاظ بالأظافر موجودة وملتصقة باللّحم دائما.