العدد 2081 - السبت 17 مايو 2008م الموافق 11 جمادى الأولى 1429هـ

عنز ولو طار!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

كان المتوقع من شخصٍ مثله أنْ يسكت ليداري فضيحته، بدل أنْ يركب رأسه... لكن أين الحياء!

مرتين... بل ثلاث... بل عشرات المرات، في كلّ مرةٍ يزجّ نفسه في ورطة ولا يخرج منها إلاّ بتنكيسة رأس، ولكنه في المرة الأخيرة أبى أنْ ينكس رأسه!

هاجسه هو أنّ الشيعة سيقتلون السنّة، أو أنّ السنّة لابدّ أنْ يقتلوا الشيعة، فهذا الهاجس عنده حتمية من حتميات التاريخ. وهو لا يعرف شيئا اسمه التعايش بين أبناء الوطن، أو التسامح بين المختلفين، فإمّا قاتلا أو مقتولا!

في كلّ يوم تستلم أجهزة الفاكس بالصحف المحلية بيانا أو بيانين، وكثيرا ما ترميه في أقرب سلّة للمهملات، حفاظا على النسيج الاجتماعي الذي يعمل على نخره. ويقال إن لديه موظفا عربيا، مهمّته أنْ يكتب موضوعين يوميا، (بيان ومقال لصفحة القرّاء) ويطبعها على الآلة الكاتبة، ثم يبعثها بالفاكس، فهو لم يدخل عالم الإنترنت بعد. فإذا فرغت الجعبة يمكنه إعادة طحن وإرسال البيانات القديمة!

آخر حروبه كانت مع مسجد صعصعة! فقد تبلّغ خبر زيارة «الأوقاف» المسجد بعد عشرة أيام، (ربما كان الموظف في إجازة) فأعلن تنديده بالانتهاك السافر للقوانين الدولية! فكيف يقوم وفدٌ من الأوقاف بزيارة مسجد يقع ضمن الحدود الأقليمية لمحافظته! وهو ما أحدث لغطا بادرتْ معه القيادة السياسية العليا إلى التدخل لقطع دابر الفتنة، فأوعزتْ ببنائه ووضعه تحت إشراف رسمي مباشر. وللعلم، فإنّ صعصعة بن صوحان، ليس سنيا ولا شيعيا، حتى نتنازع على الاستيلاء على قبره، فقد كان من جيل الصحابة الأوائل، الذين عاشُوا وماتُوا على إسلام ما قبل المذاهب والطوائف. ولو بُعثوا اليوم وسمعونا نتكلّم عن «السنة» و»الشيعة» لربما لم يفهموا المقصود! ومع ذلك فالنائب يرى أنّ قبر الصحابي أصبح ملكا له؛ لأنه يقع في محافظته، وعلى المواطنين أن يستخرجوا «فيزا» من مكتبه قبل إجراءات السفر إلى «عسكر»!

عقلية قائمة على إرسال التهم المجانية وبالجملة، فالآخر عميلٌ ومُدانٌ ومشكوكٌ دائما في أمره، وليس مواطنا له حقوقٌ وعليه واجبات. بعض هذه التهم عمرها الافتراضي أسبوع أو أسبوعان، وبعضها يومٌ أو يومان، إلاّ أنّ آخرها لم تعمّر سوى ساعات، فقد أطلق بالونته السوداء ظهر الجمعة وسرعان ما افرنقعت في المساء! فقد اتهم في خطبته دولة أجنبية (إيران) بأنها هي التي تموّل عرسا جماعيا لأكثر من مئتي شاب بحريني من أبناء المنطقة الغربية، ليس عن دليل وإنّما عن تخبيص وسوء ظن، ولم يحترم حتى المنبر الديني الذي ارتقاه، أو جمهور المصلين الذين جاءوا ليسمعوا ما يقرّبهم من خالقهم في يوم الجمعة المبارك.

هذه البالونة افرنقعت بعد ساعات فقط، مع الإعلان أنّ التمويل من جلالة ملك البلاد لزواج عددٍ من أبناء البلاد، وهو إعلان لم يرق له، فعاد بعد أسبوع، وعلى المنبر نفسه، وبدل الاعتذار لعاهل البلاد وللمصلين ولشعب البحرين، عاد ليشنّ هجومه على تلك الدولة التي «تبعثر أموالها هنا وهناك ولديها بطالة 30 بالمئة»، فهو ما زال مُؤمنا أنها هي التي موّلت الزواج!

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2081 - السبت 17 مايو 2008م الموافق 11 جمادى الأولى 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً