يتجّه الكويتيون اليوم إلى صناديق الاقتراع؛ ليشكّلوا مجلس أمّة جديد، بعد أزمات سياسية متكررة مرّت بها الحياة السياسية الكويتية انتهت بحل مجلس الأمّة. يتجّه الناخب الكويتي اليوم ليختار ممثليه في خمس دوائر انتخابية فقط، في وقت تراوحت فيه آراء المرشحين بالنسبة لتقليص الدوائر الانتخابية إلى خمس ( كانت 25 دائرة) ، بين مَنْ يعتقد بأنّ هذا التقليص كان في صالحه، وبين مَنْ يعتقد بأنّ التقليص عرقل حملته الانتخابية وقلل من حظوظه. ولعلّ أسئلة كبرى تطرح نفسها في الكويت اليوم، أي تشكيلة نيابية ينتظرها مجلس الأمّة، من سيسيطر على هذه التشكيلة، وهل سيكون للمرأة الكويتية حظوظ هذه المرأة ضمن هذه التشكيلة؟
على الرغم من هدوء المشهد الانتخابي الحالي في الكويت، وخصوصا بعد وفاة الأمير الراحل الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح، والذي زامنه إلغاء كثير من الخيم والندوات الانتخابية أو تعليق أعمالها لمدة ثلاثة أيام حدادا، غير أنّ الجو لا يزال مشحونا في الداخل بكثير من الأسئلة وكثير من التوقعات. الجميع يريد الخروج من الأزمة وتشكيل مجلس أمّة يضمّد جراحات الماضي؛ ليكون قادرا على تجاوز خلافاته مع الحكومة والمضي قدما. والجميع أيضا يترقب بشغف يوم الانتخابات الذي جاء بسرعة بعد أقل من 60 يوما من الحملات الانتخابية التي لم يلحق أغلب المرشحين فيها من إعداد عدّتهم بشكل كامل ومثالي.
البحرينيون ينظرون بشغف اليوم للتجربة الكويتية لعدّة أسباب، لعلّ على رأسها تقارب التجربة البحرينية كثيرا مع التجربة الكويتية. ولعلّ العلاقة المتوترة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في البحرين والكويت معا تعتبر القاسم المشترك الحقيقي بين البلدين، على الرغم من تعاكسهما. كثير من الكويتيين يعتبرون سلطتهم التنفيذية ( الحكومة) ضعيفة، أو على الأقل ليست بالقوة التي يتمتع بها مجلس الأمّة كسلطة تشريعية، والعكس صحيح في البحرين، فلا مجال للمقارنة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في قوّتهما، فللسلطة التنفيذية ( الحكومة) الغلبة والرأي النهائي في القضايا كافة، مهما ظهر خلاف ذلك. وبطبيعة الحال فإنّ أيا من النموذجين ليس مثاليا، فالمطلوب هو تعاون هذه السلطات وتوازنها، وتكميلها لبعضها بعضا، وليس غلبة إحداها على الأخرى، أو عرقلة إحداها للأخرى. غير أنّ هذا الوضع المثالي غير قابل للتحقيق في واقع الأرض في هذه الفترة على الأقل، ففي الكويت مثلما في البحرين أيضا تيارات تملك نفوذا واسعا، يوصلها لقبّة بيت الشعب، تستطيع من خلالها أنْ تفرض أجنداتها بشكل أو بآخر، مثلما تفرض الحكومة بدورها أجنداتها الخاصة؛ لتخرج تلك الأجندات أحيانا عن العمل السياسي الذي يؤدّي إلى التحرك إلى الأمام، فتراوح مكانها شدا وجذبا دونما تقدم حقيقي.
يتجّه الكويتيون اليوم؛ ليشكلوا بأيديهم مجلس أمتهم المقبل، وسط إشاعات كبرى بشراء الأصوات التي يُقال أنّ سعرها وصل إلى 5 آلاف دينار، ووعود انتخابية فاقت المستحيل لدى بعض المرشحين، وبذخ ظاهر في المقار الانتخابية وتكريم الناخبين، ربما لا يُضاهيه مثيل في العالم كلّه. يتجهون اليوم والقانون والدستور معهم، والحياة الديمقراطية في أوجها، غير أنّ أمواجا من القبلية والعرقية وقليلا من الطائفية تلفح وجوههم، وتحرك قناعاتهم واختياراتهم. لكن لابدّ بأنهم سيدركون بأنهم سيصنعون بخيارهم ذاك المستقبل. ولابد بأنهم تعلموا من نتيجة خياراتهم السابقة، مثلما لابد أن يكون البحرينيون شاهدوا بأم أعينهم نتيجة خياراتهم في مجلس نوابهم.
إقرأ أيضا لـ "ندى الوادي"العدد 2080 - الجمعة 16 مايو 2008م الموافق 10 جمادى الأولى 1429هـ