العدد 2080 - الجمعة 16 مايو 2008م الموافق 10 جمادى الأولى 1429هـ

الغرور يزهر ولكنه لا يثمر!

على ذمة الراوي والحكاوي الكثيرة... سأحكي لكم اليوم قصة أو تجربة شخصية حدثت لي خلال عملي في مجال الصحافة الفنية والمنوعة، عرفت من خلالها أن الغرور يزهو ولكنه لا يثمر!

فقبل عام تقريبا كنت في أحد المجمعات التجارية برفقة عائلتي، وكصحافية «أنا لا أحب الظهور الشخصي»، بل إنني لا أحب التعريف بنفسي كصحافية عند وجودي في أي محفل حتى لا يتكلف الناس في تعاملهم معي أو حتى لا يبالغ البعض في طرحه لمشكلاتهم أو روايتهم لأحاديثهم، بل أحب أن أجد الناس على طبيعتهم من خلال حديثي معهم، لذلك دائما ما تراني «مستمعة جيدة» لجميع الأحاديث، ومتحفظة في الوقت ذاته في البوح للناس بمهنتي.

في هذا اليوم وفي هذا المجمع صادفت فنانة خليجية معروفة تعودت على الحديث معها عبر الهاتف لمعرفة أخبارها أو حتى لإجراء مكالمة معها، وعلى رغم أنها «شبه مقيمة في البحرين»، فإنني لم ألتقِ بها وجها لوجه، لذلك فهي لا تعرفني شكلا، ولكنني أعرفها جيدا بحكم شهرتها.

عبر الهاتف لم تكن هذه الفنانة تتهرب من أي سؤال وكانت إجاباتها موزونة، وكلماتها الرزينة تدل على أخلاق عالية وسرعة بديهة ولا تخلو من خفة الدم... كما أنها كانت دائمة الضحك و «الغشمرة»، حتى بت أعتقد بأنها إنسانة متواضعة، بخلاف ما قيل عنها سابقا من قبل زملاء صحافيين تعاملوا معها شخصيا.

ولكن المثل يقول: «لا تصدق كل ما يقال، ولا تصف ما لا تبصر»... في هذا اليوم تبددت لدي كل الصفات التي توجت بها تلك الفنانة، إذ دخلت المحل التجاري، وكأنها تقول للناس فليفسح الجميع لي المجال، كانت ترفع قطع الملابس كارهة أن تعيدها إلى مكانها، بل رمتها على الأرض (حتى وإن لم تعجبك القطعة أرجعيها، فهذا سيحسب في ميزانك لدى جمهورك الذي يراقبك بعينيه أثناء تنقلك في الأماكن العامة).

ربما رميها للملابس على الأرض لم يكن يلفت انتباهي كثيرا، فكثيرون من عامة الناس من يقومون بهذا العمل، ولكن ما لفت انتباهي وأنا أتابع تصرفاتها، هو عندما اقتربت منها إحدى المعجبات المراهقات لتلتقط معها صورة تذكارية بـ «الموبايل»، قالت هذا الفنانة بتكلف (وبصوت قوي وهي ترفع يديها لصد الفتاة عن الاقتراب منها): بلييييييز... أنا في بريك (استراحة) ما أحب أي شي يزعجني... وأدارت ظهرها مبتعدة عن تلك الفتاة التي كانت مندهشة، ومبهورة وفي الوقت نفسه انهالت دمعتها على خدها (حتى وإن كان مزاجك عكرا، فلا داعي لمعاملة معجبة بهذا الأسلوب، فهناك أسلوب آخر تستطيعين به إبعادها وفي الوقت نفسه كسبها، فلتحذري، إذ إن التي نهرتها كانت مراهقة، أي أنها حساسة جدا).

بحب الفضول اقتربت من تلك الفتاة وسألتها، ماذا حدث؟! فما كان منها، إلا أن قالت: «والله العظيم شايفة نفسها على شنو، تقول لي بكل تكبر وأهي رافعة يدها بلييييييز أنا في (بريك) ما أحب أحد يزعجني... زين مني مقدرتها، ولا في أحد في المجمع عبره... خل غرورها ينفعها... من اليوم ورايح ما بتابع أي عمل لها وصورها إلي عندي في البيت بارميهم».

كلمات تلك الفتاة أضحكتني... إلا أنها كانت تحمل تعابير صادقة... فلتحذر الفنانات حتى الفنانون، فالغرور عدو النجاح، كما أنه علامة من علامات عدم النضج في أي مهنة، لأن الغرور ببساطة هو سيف يقتل صاحبه وهو مقبرة للفنان.

العدد 2080 - الجمعة 16 مايو 2008م الموافق 10 جمادى الأولى 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً