تتواصل ذيول زلزال سيشوان 2008، الذي حدث في مقاطعة سيشوان جنوب غرب جمهورية الصين الشعبية في 12 مايو/ أيار 2008 ، وتسيطر نتائجه الوخيمة بحسب ماتتناقله وسائل الإعلام. وحسب نشرة للمسح الجيولوجي الأميركي بلغت شدة الزلزال 7,8 على مقياس ريختر. ويعد هذا الزلزال الأعنف منذ 32 عاما. وتضاربت الأنباء بشأن ضحاياه، التي قدرتها المصادر الرسمية الصينية بما يزيد عن 20 ألف قتيل.
إن الهزات الزلزالية ظاهرة طبيعية وشائعة في جميع أنحاء الأرض، وما يحدث منها على اليابس يتركز في مناطق معينة، ومعظمها يقع ضمن ثلاثة نطاقات كبيرة هي: نطاق يمتد فوق سلاسل المرتفعات التي تحيط بسواحل المحيط الهادي في أميركا الجنوبية وأميركا الشمالية وآسيا، والنطاق الثاني يشمل منطقة الأخاديد بشرقي إفريقيا وجنوب غربي آسيا، والنطاق الثالث نطاق يمتد فوق سواحل البحر المتوسط ويشمل الألب والقوقاز.
تحصل الزلازل إما بسبب الحركة التكتونية للأرض وهو التشقق أو الحركة الفجائية في صدع صفيحة من صفائح القارات, أو بسبب قوة اندفاع الكتل البركانية. وقد أضيفت إليها حديثا الهزات الحاصلة بسبب التفجيرات النووية التي يقوم بها الإنسان تحت سطح الأرض. وتتوقع المصادر العلمية أن تتصاعد تأثيرات تلك التفجيرات بفضل اتساع نطاقها خلال السنوات العشرين الماضية.
وإلى جانب الخسائر البشرية، هناك الخسائر المالية الناجمة عن الكوارث. وتتوقع الدوائر المتخصصة أن تبلغ خسائر الصين من الزلزال الأخير ما يتجاوز الـ 20 مليار دولار. وتجمع تلك المصادر معلوماتها من بيانات من شركات عقارية وشركات التأمين لتقييم الخسائر التي تتسبب بها الكوارث الطبيعية.
وغالبا ما تتضارب التقديرات عند حدوث مثل تلك الكوارث الطبيعية. لكن الكاتب البحريني عبدالجليل مرهون (صحيفة الرياض) نشر ملخص تقرير للأمم المتحدة يحصي عدد المتضررين «من الكوارث الطبيعية من زلازل وفيضانات وأعاصير، وذلك خلال الفترة من العام 1994 إلى 2003 بنحو 2,5 مليار شخص حول العالم، فضلا عن حدوث خسائر في الممتلكات تقدَّر قيمتها بنحو خمسين مليار دولار أميركي». ويتوقع مرهون بناء على تقديرات الأمم المتحدة أن «تصل الكلفة العالمية للكوارث الطبيعية إلى 300 مليار دولار أميركي سنويا بحلول العام 2050».
ومن الطبيعي أن تكون تلك الأرقام تقديرية، نظرا لعدم توفر القنوات اللازمة التي تؤمن المعلومات الدقيقة حول تلك الكوارث. لكن يمكننا تقدير الخسائر التي تسببها تلك الكوارث على نحو أدق في بلدان مثل الولايات المتحدة. إذ يقدر معهد تأمين المعلومات الأميركي أن إعصار ليلي قد كلف شركات التأمين الأميركية حوالي 600 مليون دولار. ووفقا لذلك فإن الكوارث الطبيعية في الولايات المتحدة كلفت شركات التأمين 4 مليارات دولار في العام 2002 مقارنة بـ 7,5 مليارات دولار طوال العام 2001. وتقول شركة «ايه.اي.ار وورلدوايد» إن التأمين يغطي نحو 5 في المئة من تلك الخسائر.
وتعتبر اليابان من أكثر الدول تعرضا للزلازل كونها واقعة على خط زلزالي نشط، لذا فهي تتعرض إلى زلازل مستمرة وفي بعض الأحيان شديدة وهذا ما دفعها إلى إجراء بحوث واسعة في مجال الزلازل إلا أن اليابانيين لم يكتفوا بما حصلوا عليه في الأرض فبدأوا بنقل أبحاثهم إلى القمر لدراسة النشاط الزلزالي وتبلغ كلفة مركبة الفضاء المأهولة 100 مليون دولار.
ومن جراء تنامي كلفة الزلازل، يحاول الإنسان بذل ما يستطيع كي يستعدل مواجهتها والحد من سلبياتها، وخصوصا على صعيد الخسائر، بشرية كانت أم مادية. فبعد كارثة طوفان تسونامي تأمل العالم كثيرا بمؤتمر الامم المتحدة للوقاية من الكوارث، الذي شارك فيه ثلاثة آلاف خبير من أنحاء العالم كافة، والذي أقيم في مدينة كوبي اليابانية التي تعرضت قبل عشر سنوات لزلزال مدمر راح ضحيته 6400 شخص، والذي أعقبه انعقاد المؤتمر الأول لتدراك آثار الكوارث الطبيعية في يوكوهاما اليابانية.
في هذا المؤتمر، عرض العلماء الألمان في مؤتمر اليابان نظام إنذار أعده مركز الأبحاث الجيولوجية في مدينة بوتسدام الشرقية ومعهد لايبنز لعلوم البحار، يتميز بالسرعة الفائقة في تحليل المعلومات المقبلة من البحار أو من الزلازل، إذ يتكون من مجسات مثبتة في قاع البحر، تسجل حدوث أي زلازل في الأعماق، علاوة على أقمار اصطناعية تراقب سطح المياه، وترصد أي تغير في حركة الأمواج.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 2079 - الخميس 15 مايو 2008م الموافق 09 جمادى الأولى 1429هـ