العدد 2078 - الأربعاء 14 مايو 2008م الموافق 08 جمادى الأولى 1429هـ

الإصرار على استجواب بن رجب دليلٌ على إدانة عطية الله

سكينة العكري comments [at] alwasatnews.com

يحق لنا أنْ نقف لنحلل ونفسّر المواقف والاتجاهات؛ رغبة منّا في معرفة الأسرار الكامنة وراء عرقلة استجواب وزير الدولة الشيخ أحمد عطية الله وزير التأزيم أوّلا وتعطيل المجلس ثانيا والوقوف معه ومؤازرته قبل دخوله غرفة الاستجواب وبعد خروجه منها، ففي الوقت الذي نجد أنّ هناك غموضا وعدم وضوح في مواقف بعض الكتل نجد أنّ هناك موقفا على الضفة الأخرى أكثر وضوحا، نستقرأه من إصرار كتلة الوفاق على استجوابه، والاستجواب لا يأتي ضمن تخمينات أو تحليلات تتعلّق بوجود خصومات سياسية مع الوزير كما يحلو للبعض أنْ يقول، لا، فالموضوع كبير وغزير، ولا يكمن اختزاله أو تبسيطه بخصومة شخصية ولا حتى سياسية، فهناك قناعات ومبررات قوية وبارزة المعالم وهناك حقائق ومعلومات خفية يُراد لها أنْ تكون كذلك فالتعتيم وراءه جريمة تمس التركيبة السكّانية وأخرى تتعلق بالتنمية وأبعادها.

على الأقل الأمور لم تعد سرا خصوصا مع فضيحة التقرير المثير، والروائح النتنة التي فاحت منه؟ ذلك إنّ إصرار الكتل الموالية على الاصطفاف بصورة طائفية كريهة؛ لعرقلة الاستجواب؛ ومنعه كان الموقف فيه «أنّ وأخواتها»، بخلاف ما يُحاول البعض الترويج له «لا تبوق لا تخاف» فالخوف واضحٌ والأسباب معروفة، خصوصا بعد أن أقحم الاستجواب إقحاما للجنة الخدمات لموازنات ومعادلات محسومة النتائج الكثرة مقابل القلّة؛ لحسم النتائج والالتفاف على الحقائق، والانتصار للوزير وأنصاره، موقف لجنة الخدمات ليس بأحسن حال من اللجنة المالية التي تتولى حكم استجواب بن رجب، فالأولى هي الأخرى سبقت الحكم وأعطت صك البراءة، بعدها أقرت وثائق التهم الموجهة إليه وأصدرت حكما بعدم الإدانة.

رئيس المجلس خليفة الظهراني نفسه والذي يتحتم عليه منصبه أنْ يكون حياديا، نجده قد تعامل مع قضية الاستجواب بخلاف ما نعرفه عنه، وبشكل يتنافى مع حكمته، وحسن إدارته للأمور، بدا بمنظر الشخصية الرسمية، وليس كما هو في الواقع رئيس المجلس النيابي الممثل للشعب لا للحكومة.

البعض وقف مستهزأ من الوفاق عندما غادرتْ قاعة المجلس مقدّمة احتجاجها على مواقف الكتل بشأن الاستجواب، اليوم نجد أنّ المواقف تتباين، بشكل يعكس ضيق النفوس والصدور من حكم الديمقراطية، رأي الأغلبية، ولكن على الوفاق اليوم أنْ تؤمن بأنّ رأي الأغلبية لابدّ أن يطبّق عليها، وأنْ تقبل بقوانين اللعبة السياسية، ولكن ما أنْ يطال الأمر رؤوس المطبّلين والمزّمرين للديمقراطية وحكم الأغلبية، الذين لطالما تغنوا وطربوا بها، نجدهم اليوم يتغير حسن حالهم إلى سوء حال، حالهم كحال الشعارات التي يطلقونها.

جاءوا يوما متحمسينَ لاستجواب بن رجب لكون هناك وثائق تدينه، وتتهمه بالفساد الإداري مرة والمالي مرة أخرى، مؤكّدين عزمهم على تقوية الأدوات الرقابية، ووقفوا مليا أمام كتلة الوفاق عندما أرادت بدورها أنْ تفعل الأدوات الرقابية، على رغم كونها هي الأخرى لديها ما لديها من الوثائق التي تدينه، لم يكلفوا أنفسهم عناء حتى النظر فيها، والوقوف عليها وعلى آثارها المدمرة، فكلّ ما شغل بالهم كيف يقفون معه لا ضده تخلوا حينها عن مهمتهم ومسئولياتهم، وكأنما الأمر حلال عليهم حرام على غيرهم.

المتأمل جيّدا في موقف الوزيرين المستجوبين وبلا أية مبالغة وبمنتهى الموضوعية، أن الأثنين بلا استثناء مدانان لكونهما أمثلة سيئة للإدارة وبؤر للفساد، الذي ينبغي أن يحارب، من قبل مجلس النواب أولا، لا أنْ يمسح عليه ويربت على كتفه، وللذين اليوم يستاؤون بلا مبرر مقبول من براءة بن رجب على رغم هزالة المحاور وضعف الدفوعات معبّرين عن سخطهم واستيائهم بسيناريوهات مكررة ومسرحيات ممسرحة، كانوا قد ألقوا بحجارتهم يوما على من ألقى دفوعات قوية.

لهؤلاء ندعوهم أنْ يعيدوا قراءة موقفهم من موقف وزير التأزيم؛ لأننا فقط بمجرد أنْ نصر على استجواب بن رجب بالأسباب والمحاور المذكورة من قبل المستجوبين لهو أكبر دليل على إدانة وزير التأزيم مع الفارق.

المؤشرات الحالية تأخذنا إلى مساحات واسعة من الشك والريبة، ومن وراء المواقف نستشف بأن هناك فضيحة ربما أكبر من فضيحة التقرير المثير الذي لا تزال آثاره مدوّية.

والسؤال هل الذين يسعون لحمايته والدفاع عنه متورطون معه ويسعون إلى الدفاع عنه؛ لكيلا ينكشف أمرهم أيضا؟ نسأل لكي يأتينا الجواب على رغم أنّ الكتاب يُعرف من عنوانه.

ما أفهمه حاليا بأنّ الاستجواب وراءه ملفات سياسية خطيرة تحتاج لحساب وكتاب ووراءه، أبطال مازالوا يعيشون في مغارة علي بابا، ونحتاج إلى معرفة كلمة السر لفتح المغارة والدخول؛ لمعرفة الأسرار، أسرار عرقلة الاستجواب وأشياء أخرى وراء حقيقة الاستجواب وكنوز لا تقدر بأيّ إنجاز برلماني آخر، إصرار الوفاق على محاصرة وزير التأزيم من خلال الاستجوابات القادمة، يعني إصرارها على حصولها على كنز علي بابا، فعلى أيّ مدى الحكومة ستظل تتمسك به؟

ما نخشاها على تجربتنا الوليدة، جراء الإحباطات المتراكمة، والشد والجدب بين الكتل، وعدم الانسجام وعدم توافق الأولويات، فضلا عن السيطرة المحكمة من قبل الحكومة على مفاصل العمل النيابي، ينبأ بأنه لا إنجازات من الممكن تحقيقها من تحت قبته.

إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"

العدد 2078 - الأربعاء 14 مايو 2008م الموافق 08 جمادى الأولى 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً