العدد 2076 - الإثنين 12 مايو 2008م الموافق 06 جمادى الأولى 1429هـ

اختلال ميزان «العدل والمساواة» في السودان

ابراهيم خالد ibrahim.khalid [at] alwasatnews.com

انتهت المحاولة الفاشلة لاقتحام العاصمة السودانية (الخرطوم) والتي قامت بها أخيرا عناصر «حركة العدل والمساواة» المتمردة في دارفور بالسرعة نفسها التي بدأت بها، لكن تداعياتها ستستمر للفترة المقبلة في صورة نشر التحقيقات التي تجرى مع الأسرى وتقديمهم للمحاكمة التي قد تتخذ طابعا عسكريا.

استبقت السلطات السودانية محاولة الهجوم التي وقعت على شمال أمدرمان يوم السبت الماضي وأعلنت قبلها بأيام أنها رصدت محاولة تخريبية لإحداث «فرقعة إعلامية» تعد لها الحركة التي يتزعمها خليل إبراهيم.

الغريب في الأمر أن حركة خليل إبراهيم قامت بمحاولة الهجوم على رغم كشف سلطات الأمن عن المخطط، الأمر الذي أدى إلى النتيجة الحتمية التي انتهت إليها المحاولة وهي الفشل الذريع وتكبد المهاجمين خسائر فادحة في العديد والعتاد.

بعد زوال حال النشوة والشعور بالنصر على عناصر المحاولة التخريبية بدأ الناس يتساءلون عن أسباب وقوع الهجوم بالصورة التي تم بها ويبدو أن محركها الأساسي هو الحكومة التشادية على اعتبار أنها حاولت استغلال عناصر «حركة العدل والمساواة» - التي تقدم لها السند والدعم اللوجستي - للرد على محاولة الانقلاب على نظام الحكم في انجماينا التي قامت بها حركة التمرد الرئيسية في تشاد ووصلت خلالها وفي ظرف ساعات إلى داخل العاصمة التشادية حيث قوبلت بالترحاب من سكان المدينة.

مخطط المحاولة الفاشلة رسم كما يبدو لتكرار السيناريو نفسه في الخرطوم، وما يؤكد ذلك أن الأراضي السودانية المتاخمة لتشاد شهدت عمليات قصف مدفعي من داخل الأراضي التشادية كما أن معارك وقعت في ولاية كردفان في غرب السودان بين عناصر التمرد في دارفور والقوات الحكومية ولم تمض ساعات على ذلك حتى وقعت محاولة اقتحام الخرطوم.

السؤال الذي ظل يتردد في أذهان السودانيين هو الآتي: كيف استطاعت قوات التمرد في دارفور أن تصل إلى الخرطوم بهذه السهولة ولم تسبقها في مثل هذه المحاولة الانتحارية حتى قوات الحركة الشعبية المتمردة سابقا في جنوب السودان وهي أكثر منها عددا وتنظيما؟

ربما يقول البعض إن الحركة الشعبية كانت أكثر عقلانية من الحركات المتمردة في دارفور وهي كانت تعلم تماما ماذا تريد وقد حققت أهدافها عن طريق العمل المسلح والدبلوماسية جنبا إلى جنب حتى استطاعت أن توقع اتفاقا للسلام الشامل بعد جولات عدة من المفاوضات مع الحكومة السودانية.

حركات التمرد في دارفور واجهت الكثير من الانشقاقات وتفرقت إلى عدة جبهات منها ما اتفق مع الحكومة وصار شريكا في الحكم مثل حركة مني اركو مناوي فيما لايزال خليل إبراهيم وعبدالواحد محمد نور يرفضان اللحاق بركب السلام ولم يشاركا في محادثات سرت الأخيرة التي توقع الكثير من المراقبين أنها ستكون الحاسمة لأزمة دارفور.

هناك تفسير آخر يقول إن تلك القوات تتبع «الخلايا النائمة» لحركة العدل والمساواة في أطراف أمدرمان وتلقت تعليماتها للانسحاب عقب فضح أمرها وعندها وقعت في شباك القوات الحكومية التي كانت ترصدها ويبدو أن المحاولة لا تعدو كونها نقل رسالة لسكان الخرطوم بأن ويلات الحرب في دارفور ليست ببعيدة عنهم وهو فهم متخلف للأمور.

إذا أرادت الحركة أن تحدث فرقعة إعلامية بهذه المحاولة الانتحارية فإن الحكومة صارت اشطر واستفادت هي منها إعلاميا على كل المستويات الداخلية والدولية، إذ أدانت كل دول العالم بما فيها الولايات المتحدة وفرنسا العملية وهو ما لم يحدث منذ بدء أزمة دارفور، حيث ظلت واشنطن وباريس تدافعان وتدعمان على طول الخط حركات التمرد في دارفور وتتهم الخرطوم بارتكاب مجازر وعمليات إبادة واغتصاب ضد سكان دارفور.

إذا، كمحصلة نهائية لما حدث نجد أن «حركة العدل والمساواة» ارتكبت حماقة كبرى وفشلت عسكريا وسياسيا في تحقيق أهدافها من هذه العملية التي أعادت إلى الأذهان محاولة «الجبهة الوطنية» التي تألفت من عدة أحزاب معارضة ضد نظام جعفر نميري العام 1976 ومنيت بفشل مماثل فلماذا لا نستفيد من دروس التاريخ؟

إقرأ أيضا لـ "ابراهيم خالد"

العدد 2076 - الإثنين 12 مايو 2008م الموافق 06 جمادى الأولى 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً