أعلنت شركة طيران سكايباص (Skybus) الاقتصادية الأميركية، أنها ستوقف جميع رحلاتها التجارية، لتصبح ثالث شركة طيران اقتصادية في الولايات المتحدة التي تعلن وقف عملياتها في ظرف أسبوع. وجاء في بيان صادر عن الشركة «إنها لم تنجح في التغلب على مجموعة عوامل منها، ارتفاع أسعار وقود الطائرات ومناخ تباطؤ الاقتصاد».
في الوقت ذاته تنشغل شركتا خطوط «ATA» و»ألوها» الأميركيتين الاقتصاديتين، بتصريف معاملات إفلاسهما أمام الدوائر المعنية، بعد أن كانتا قد سبقتا «سكايباص» بإسبوع إعلانهما أنهما ستوقفان رحلاتهما كافة.
تعيد حال التراجع في صفوف شركات الطيران الأميركية إلى الأذهان تداعيات هجوم سبتمبر/أيلول 2001، عندما كان قطاع الطيران أول من رفع صوته بالاستغاثة. فمن المعروف أن هذا القطاع كان من بين من أكثر القطاعات الإقتصادية تأثرا بهجمات سبتمبر 2001، لتميزه بارتفاع التكاليف الثابتة، وهي التكاليف التي تتحملها الشركات سواء في ظل التشغيل أو عدمه.
وكما رشح من التقارير المنشورة حينها، فقد تسبب قرار الإدارة الأميركية بوقف حركة الطيران المدني لعدة أيام بخسائر أولية قدرت بأكثر من 11 مليار دولار في الأسبوع الأول الذي أعقب الهجوم. ترافق ذلك مع ارتفاع تكاليف شركات الطيران الثابتة أو المتغيرة بسبب ارتفاع كلفة الوقود والصيانة حينها.
ضاعف من تأثيرات الأزمة تراجع عدد المسافرين، الذي أدى بدوره إلى تراجع مبيعات التذاكر؛ نتيجة الخوف من ركوب الطائرات، علاوة على ارتفاع كلف التأمين وزيادة أساليب الأمن والحماية، الأمر الذي دفع بالشركات إلى تعليق العديد من الرحلات أو إلغائها نهائيا.
وعن تأثير ما حدث على صناعة الطيران عموما، أفاد اتحاد صناعات الطيران الأميركية حينها أن مبيعات هذه الصناعة التي تزيد قيمتها على 143 مليار دولار سنويا قد انخفضت بنحو 400 مليون دولار.
يتكرر المشهد، اليوم، وإن كان في ظل ظروف غير مشابهة، فما تطالعنا به وسائل الإعلام كل يوم من أخبار عن إفلاس كبرى الشركات الأميركية، ليس مصدره ارتفاع أسعار النفط، كما قد يتبادر إلى الذهن، وليس أيضا الحرب التي تخوضها القوات الأميركية في العراق. إنها تضافر كل تلك العوامل الخارجية، مع أخرى داخلية جلبها معه الرئيس الأميركي جورج بوش، والطغمة المالية المحيطة به، التي لها مصلحة مباشرة في ارتفاع أسعار النفط، وتردي أوضاع الدولار، ناهيك عن توسع العمليات العسكرية الأميركية الخارجية. يضاف إلى كل ذلك عوامل داخلية أخرى جلبتها الإدارة الحالية معها مثل تلاعب هذه الشركات في بياناتها، والذي تمثل في تقليل النفقات الحقيقية وتضخيم الإيرادات الحقيقية ومن ثم إظهار أرباح وهمية وبالتالي يستفيد مديرو هذه الشركات نتيجة تضخيم مكافآتهم السنوية ومكافآت نهاية الخدمة، في الوقت الذي لا يبالون فيه بالخسائر التي تلحق بحملة الأسهم وأصحاب المعاشات من جراء إفلاس الشركات أو هبوط أسعار الأسهم في البورصة .
وقد توفرت ظروف عدة سمحت لهذه الشركات بالتلاعب من أهمها كما يورده تقرير أميركي نشره موقع (
1 - المفهوم الخاص للاقتصاد الحر الذي طبقته الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة - بعد مجئ بوش- خصوصا، إذ ضعفت إلى حد بعيد نظم الرقابة الحكومية الفعالة في المجال المالي تحت حجة تحرير الشركات من القيود التي تعطلها وتعوق سرعة تقدمها لمواجهة المنافسة العالمية لاسيما بعد توقيع اتفاقية «الغات» الجديدة العام 1994.
2 - الدور الخطير الذي قامت به بعض مكاتب المحاسبة والمراجعة في الولايات المتحدة وخصوصا ما لجأت إليه من أساليب ملتوية للالتفاف على قواعد الشفافية والمكاشفة.
3 - التقارير غير الدقيقة التي نشرتها بعض بيوت السمسرة ومكاتب التحليل المالي عن شركات معينة بإعطاء درجات تقويم أكثر مما تستحق إذ إن كبار العاملين في هذه المكاتب يستثمرون أموالهم في هذه الشركات ومن ثم يحققون أرباحا خيالية.
4. القرارات المحفوفة بالمخاطر التي اتخذها مديرو هذه الشركات بهدف تضخيم الأرباح كما سبق وأن أوضحنا.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 2076 - الإثنين 12 مايو 2008م الموافق 06 جمادى الأولى 1429هـ