العدد 2074 - السبت 10 مايو 2008م الموافق 04 جمادى الأولى 1429هـ

الحركة النقابية والعمالية والشأن العام

عبدالمنعـم الشـيراوي comments [at] alwasatnews.com

لست معنيا بالإجابة على تساؤل البعض في صحفنا المحلية عما يحدث في هذا البلد وإن كان ما يحدث لم يصل حتى الاّن للمستوى اللائق بالتجربة أو بتاريخ البحرين وشعبها ونضالاته, والذي يمكنها من الوقوف بفخر بين الدول المتقدمة من حيث شفافيتها وديمقراطيتها والتوزيع العادل لثرواتها وتكريس مقولة مقدمة الدستور بأن الشعب هو فعلا مصدر السلطات. لكن مالعمل مع من تعود واعتاد النظام الاتوقراطي وغياب الديمقراطية الحقة والشفافية وحرية الرأي والتعبير الحقيقين؟

مقدمة المقال هذه تتناول استغراب البعض من بساطة وصراحة خطاب الحركة النقابية العمالية في شخص ممثلها وأمينها العام سلمان المحفوظ في الاحتفال بعيدها السنوي في الأول من مايو/ أيار هذا العام.

ونقول للذين يأملون أن يتواضع أداء الحركة النقابية العمالية وحصر اهتماماتها فقط بتحسين الإنتاج وزيادته يتناسون حقا أن هذه الشريحة الواسعة في مجتمعنا مواطنون بالدرجة الأولى يهمهم كل ما يمس الشأن العام اقتصاديا كان أم اجتماعيا أو سياسيا. بل إن هذه الشريحة يهمها ويعنيها أن تكرس الديمقراطية الحقة والمواطنة الحقة وأن يتم توزيع ثروة هذا البلد بشكل عادل وأن تمارس الشفافية في التعامل مع المواطن ومؤسسات المجتمع المدني وتتحقق حرية الرأي والتعبير. بل ويأتي على سلم أولوياتها وجود دستور عقدي يكرس مقولة إن الشعب هو المصدر الوحيد للسلطات.

وهنا لا أدافع عن الأمين العام للحركة النقابية العمالية سلمان المحفوظ فهو أقدر مني في الدفاع عن خطابه وتوجهات الحركة النقابية وهو لعلم البعض أكثر وضوحا وبساطة وشفافية في خطابه ويعبّر عن شريحة واسعة من حقها بل من واجبها الاهتمام بالشأن العام. فلقمة العيش والخبز سياسة والأنظمة التي تشرعها المؤسسات الدستورية تمس بشكل مباشر مصالح وتطلعات وهموم ومستقبل هذه الشريحة وسماع صوتها واضحا ومباشرا وصريحا أهم الأمور التي يجب أن تسعى وتحرص الشرائح الأخرى في المجتمع والدولة إلى سماعه ومعرفته والتعامل معه بشكل جدي. ثم من الذي قال إن الشأن السياسي هو من اختصاص الجمعيات السياسية وحدها بمشاركة الدولة والأطراف الأخرى؟ ومن الذي أفتى بتحريمها على الطبقة العاملة التي هي بالأساس صانعة التقدم وخالقة القيمة المضافة بعملها وجهدها وعرقها؟

وللعلم فإن القاعدة العمالية التي انتخبت سلمان المحفوظ بأكثرية ساحقة والأصوات التي حصل عليها تفوق بكثير الأصوات التي حصل عليها بعض السادة النواب بما فيها أصوات المراكز العامة! وهو بذلك أحق بأن يهتم بالشأن العام والملفات الأساسية التي تهم المواطن وبالذات الشريحة الأساسية التي يمثلها ويتحدث باسمها. ثم هل حقا أن من تم انتخابهم نوابا لهذا الشعب جاءوا من خلال دوائر انتخابية موزعة توزيعا عادلا كما يدعي البعض؟ ونقول إن أردتم أن تكتشفوا الحقيقة وهي غاية انشغالكم بخطاب الحركة النقابية العمالية كما تدعون, فلتكن البحرين دائرة انتخابية واحدة وسنرى حينها من سينتخبه هذا الشعب ممثلا حقيقيا له ومعبّرا عن إرادته.

والغريب أن الكاتب الفاضل وبحسب معرفتنا مطّلع ومن القراء ويتمتع بالقدرة على الاطلاع على تاريخ الحركة النقابية العمالية في الدول المتقدمة وبلغتها الأصلية, فلماذا لا يعود إلى تاريخ الحركة النقابية في الدول المتقدمة ويتعرف على حقيقة تكوين وتشكيل الأحزاب العمالية ومدى اشتغالها أو انشغالها بكل ما يمس مجتمعاتها وشئونها العامة؟

وعلى رغم اتفاقنا مع ما ذكر بشأن ضرورة اهتمام الحركة النقابية العمالية بتطوير الإنتاجية والنوعية داخل شركاتها ومؤسساتها, لكننا نتساءل: من هو المقصر في هذا الأمر؟ هل هو الحركة النقابية العمالية وقياداتها وكوادرها النقابية في النقابات، أم هي إدارات الشركات وأصحاب العمل الذين جلهم قد درس نظريات الإدارة الحديثة لكنه يتغافل ويتناسى حقيقة أن العاملين في شركاتهم والمؤسسات النقابية هي أحد الأطراف الأساسية التي تؤثر أو تتأثر بأداء هذه الشركات وتطورها وأن عليهم واجب أساسي في معرفة توقعاتها ومصالحها ومراعاتها والتعاون معها من أجل أن يتطور أداء هذه الشركات والمؤسسات بدلا من محاربتها أو ممارسة الفصل التعسفي لقياداتها وتهميش دورها.

المشكلة يا سيدي هو أن الكثير من إدارات هذه الشركات وأصحاب العمل يعلمون علم اليقين النظريات الإدارية الحديثة, ويعلمون بأن حتى أعتى الدول الرأسمالية والمعاهد العلمية المحافظة قد تبنت هذه النظريات وطبقتها وهي تراعي مصالح هذه الأطراف وتوقعاتها وحقوقها ليس من أجل خاطر عيون الطبقة العاملة أو مؤسساتها النقابية, وإنما لأن ذلك شرط أساسي لتحقيق أهدافها وتطوير إنتاجيتها وتحسين نوعية مؤسساتهم وشركاتهم. بل إن الكثير منهم يسعى إلى خلق آليات تسعى إلى تفعيل دور العاملين في شركاتهم ومؤسساتهم إن لم تكن بها مؤسسات نقابية تمثلهم.

ونحن نأمل أن نرى اليوم الذي تعي إدارات الشركات والمؤسسات هذه الحقيقة وتتعاون بشكل جدي وصادق وشفاف مع مؤسساتها النقابية وتصل إلى مستوى الوعي الذي وصلت إليه القيادات النقابية والكادر النقابي في شركاتها ومؤسساتها.

والحمدلله الذي شهدنا يوما تخلت فيه الحركة النقابية العمالية عن الإمساك بالعصى من منتصفها وباتت صريحة وواضحة ومباشرة في خطابها وتسعى للتأكيد على حقوقها والتصدي للتحديات التي تواجهها.

إقرأ أيضا لـ "عبدالمنعـم الشـيراوي"

العدد 2074 - السبت 10 مايو 2008م الموافق 04 جمادى الأولى 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً