العدد 2070 - الثلثاء 06 مايو 2008م الموافق 29 ربيع الثاني 1429هـ

الدولة وقضية الثمانية

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

إنها قضية إنسانية بالدرجة الأولى، ليس فيها قطرة واحدة من السياسة أو شبهة التسييس.

بلدان متجاوران تربطهما روابط الأخوة والعقيدة والتاريخ، وتمتد بينهما عروق الجغرافيا والنسب بين آلاف العوائل على ضفتي الخليج، ويربطهما «جسرٌ من الحب لا جسرٌ من الحجر... ذاك الذي طار بالواحات للجزر» كما قال الوزير الشاعر غازي القصيبي. وفي كل يوم يتدفق الآلاف من كل ناحيةٍ إلى الناحية الأخرى من الحدود؛ للتسوّق والتبضع أو الدراسة والسياحة وزيارة الأماكن المقدسة.

الطرفان عضوان أساسيان في منظومة مجلس التعاون الخليجي، وتربطهما علاقات سياسية أوثق ما تكون، فضلا عمّا يربطهما من مصالح اقتصادية كبرى، وصناعات واستثمارات، وآلاف الطلبة الذين يتلقون العلم في جامعات البلدين ومعاهدهما... وفي هذا السياق يكون السؤال.

ثمانية شبان بحرينيين في طريقهم إلى الرياض ضلّوا الطريق فاتجهوا إلى أحد رجال الشرطة مستفسرين، فقادهم السؤال إلى الاحتجاز. وبعد أيام من القلق على مصير أبنائهم، عرف الأهالي أنهم محتجزون من خلال الشيخ حسن الصفار، أحد الشخصيات الدينية بالمنطقة الشرقية المعروف بعلاقاته الحسنة مع الجميع.

السفارة البحرينية في الرياض قامت بمساعٍ مشكورة لتسهيل التقاء الأهالي بأبنائهم، وتم اللقاء بالفعل قبل فترة، وعاد الأهالي بلوعة أكبر، وقلق أكثر على مصير أبنائهم. وأمام قضيةٍ إنسانيةٍ بحتةٍ من هذا النوع لا تملك إلاّ التعاطف والحديث، لعل اللهَ يُحدث بعد ذلك أمرا.

والأمر هنا واضحٌ... فلو كانت هناك أدنى شبهة جنائية لكان السكوت أولى، ولكن الشبان الثمانية ضلّوا الطريق، وليس لهم سوابق جنائية حتى «سياسية»، وغالبيتهم يعملون مدرسين بوزارة التربية والتعليم البحرينية. ومن الناحية الاجتماعية، بعضهم لم يمضِ على خطوبته ثلاثة أشهر، وبعضهم متزوج وله أطفال عدة، ومثل هذا الحادث يسبّب شرخا عائليا مؤلما يترك أثره على جميع الأفراد، فضلا عمّا يسببه من تداعيات في مجال العمل الوظيفي.

أعمار الشبان الثمانية تتراوح بين 26 و32 عاما، إذ إن أصغرهم سنا من مواليد العام 1982 وأكبرهم من مواليد 1976، وهم من مناطق مختلفة من البحرين، جمعتهم الصداقة كما تجمع مئات الشبان هنا وهناك.

الأهالي يقولون بألم إن أقلام الصحافيين بدأت تجف عن ذكر مشكلة أبنائهم ومعاناتهم في الاحتجاز خارج بلدهم، وإحدى السيدات كتبت أن «اليأس بدأ يدب في نفوسنا ولا مجيب، ولا نعرف متى سوف تنتهي هذه المشكلة التي تؤرقنا وتقض مضاجعنا حيث طالت فترة احتجازهم، ونحن نموت كل يوم ألف مرة». وتضيف «لقد عولنا على الدولة ومؤسساتها، وكان من المنتظر من الجهات المختصة السعي للإفراج عنهم قبل أن يكونوا في طي النسيان».

نحن في الصحافة لا نملك أكثر من أن نكون قناة توصيل في مثل هذه المأساة الإنسانية التي طالت، والمعوّل بعد الله سبحانه على الجهات الرسمية المعنية لحلّ هذه المعضلة عبر القنوات الرسمية، فما بين البلدين والشعبين أكبر من كلّ ما تكتبه الأقلام وتنشره الصحف.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2070 - الثلثاء 06 مايو 2008م الموافق 29 ربيع الثاني 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً