العدد 2069 - الإثنين 05 مايو 2008م الموافق 28 ربيع الثاني 1429هـ

كتابة في الفرجة وصورها!

جعفر الجمري jaffar.aljamri [at] alwasatnews.com

-

هل مكتوب عليك أن تكون كائنا متفرِّجا. متفرِّجا على كل شيء؟ على بعض أجهزة الدولة وهي تمارس القفز على القانون قبل القفز عليك؟ على بعض منابر الجمعة التي لديها القدرة على التحريض (كم من فرقة عسكرية تتبع البابا؟) بحسب مقولة نسبت إلى جوزيف ستالين. ومايتركه ذلك التحريض من آثار تتجاوز بكثير تجاوزات مدنيين متوارين في أقنعتهم ولثاماتهم في صفوف قوات الشغب. متفرِّجا على بعض كتَّاب الأعمدة بمخزونهم الإضافي من فتائل الحرق، في صفاقة بالغة، وعهر بالجملة، واستعداد لبيع الوطن بالجملة والمفرق.

على بعض أعضاء الجمعيات السياسية الذين نذروا أنفسهم لإحداث مزيد من القلاقل والفتن بخطابات جوفاء تفتقر إلى الأدنى من اللغة في أبسط اشتراطاتها، عدا قيمتها ومضامينها. متفرِّجا على بعض الذين بارت تجارتهم ولا يزالون يراهنون على أمل انتعاش تلك التجارة، وعودة روحها وعافيتها على حساب سقم الأمة وتشرذمها وتفككها وتركها في عراء نهائي. متفرِّجا على بعض المنتديات الكريهة والعطنة المهووسة باستدراج الحقب المظلمة من التاريخ، وقذفها في وجوهنا استفزازا أو تأكيدا لنص يؤمنون به أو يتوهمونه (لا فرق). أن تكون متفرِّجا على ممارسات في دوواين الدولة ومؤسساتها بحيث تبدوا جرَبَا أو مرضا ساريا يجب تجنبه بمجرد أن يلتقط ويحلل ويصنِّف ويفرز جهازها انتماءك المذهبي وحتى المزاجي!.

أن تكون متفرِّجا على التجاوزات، ومطلوب منك أن تجمِّلها وتضع لها ألف عذر، وإن استطعت أن تلعن تفكيرك وملاحظاتك السقيمة والمريضة (كما يُظن)!.

***

الميثاق الذي دعت إليه جمعية الصحفيين البحرينية، في الذروة من الأهمية والقيمة والضرورة. والجمعية من جهتها لن تستطيع (وليس ذلك دورها) التحكم وتوجيه مسار وعي وذهنيات، تعمل على تغذية ورفد التوجه الطائفي بتناولات عدد من الكتَّاب والصحافيين، وهو مسار ووعي - بالمناسبة - مرضيٌّ في درجاته الحرجة، وأي مراهنة على قدرة التحكُّم فيه وتوجيهه، تعد ضربا من الوهم الذي لسنا بحاجة إلى تراكمه، إذ لدينا فائض منه يكفي لتحويل هذا الكوكب إلى كذبة كبرى!!!.

أعلم أن توجيه مسار ذلك الوعي وتلك الذهنيات ليس من شأن ودور الجمعية، وإلا لن يختلف دورها عن أي دائرة مخابرات، ومباحث جنائية وشرطة آداب في الدنيا. لكن من حقنا أن نسأل: من المسئول عن وضع حد للشاذ والمتجاوز والمدمِّر من ذلك الوعي والذهنيات؟. فقط نسأل.

***

كل طرف يعتمد على قوته. العصابات الطائفية تعتمد على حزمة كبيرة من النصوص والعضلات. السلطة تعتمد على القانون الذي صاغته، والقوة التي تستند إلى ذلك القانون. كتَّاب السلطة يعتمدون على «الشرْهات» والمنافع. بعض كتَّاب المعارضة غير البريئين في نواياهم يعتمدون على الصدف التي قد تتكرر بوصول بعضهم إلى مناصب قيادية. بعض المتفرجين ينتظرون مكافأة على التزامهم موقف الصمت والفرجة. كيف يمكن لبلد أن يطمئن على مستقبله في ظل هكذا تفكير في المصالح والمنافع؟.

***

أوسكار وايلد، له مقولة نصها «أستطيع مقاومة كل شيء إلا الإغراء» كل ماذكر هو أنماط من الإغراء. حتى الذين يتجنبونه هم في واقع الأمر يعمدون وينحازون إلى نوع آخر من الإغراء: ألا يتم إغراؤك بشيء! وتلك قيمة أخرى على الضد تماما. منْ يغري من؟ الأكيد أن الوطن بمعزل عن ذلك. أو هكذا يبدو الأمر.

إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"

العدد 2069 - الإثنين 05 مايو 2008م الموافق 28 ربيع الثاني 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً