يبدو أن دولنا العربية على رغم ما تشيعه عن تطورها ومواكبتها لعصر العولمة ومجريات الساعة سياسية كانت أم اجتماعية ونفسية واقتصادية على حد السواء، بعيدة كل البعد عن كل ذلك، فلا عهد لها بالتطور ولا صلة لها بتلك المجريات، ولو طبقنا ذلك على الجوانب النفسية والاجتماعية بعيدا عن السياسة والاقتصاد نرى أنها ما زالت ترى من مرتادي العيادات النفسية مرضى مصابون بالجنون ويلبسون المريلة البيضاء كمجتمع وكوسائل إعلام على حد سواء.
وليس أدل على ذلك من ما تناقلته الصحف أخيرا على أنه سبق صحافي بشأن ارتياد الممثلة المصرية منى زكي إحدى العيادات النفسية متخفية، ولعل تخفيها بغض النظر عن أسباب ارتيادها لتلك العيادة يرجع لنظرة المجتمع للمرضى النفسيين والتي لا تختلف نهائيا عن نظرة وسائل الإعلام والتي رأت في ذلك خبرا صحافيا، فأين القيمة الإخبارية فيه؟ وما غير المألوف في ارتيادها لتلك العيادة هي أو سواها؟ أم لأنها من الوسط الفني لا يمكنها ذلك؟
مخيلة الصحافيين أحيانا تكون واسعة جدا، فلم يجدوا صعوبة في تحليل الوضع وإيجاد المبررات لزيارتها والتي أرجعوها لفشل عملها في تجسيد حياة الممثلة الراحلة سعاد حسني، ولست هنا في مقام الدفاع عنها أو عن العمل وإنما كل ما أستغربه هو التعاطي مع وضع أراه عاديا جدا وتصويره على أنه خبر خطير فأين العيب في الحاجة لتلك العيادات في ضل الظروف الراهنة وما يتعرض له الفرد من ضغوط معيشية تجعل منه زبونا دائما لتلك العيادات؟
العدد 2068 - الأحد 04 مايو 2008م الموافق 27 ربيع الثاني 1429هـ