إن كان هناك تمييز ضد فئة أو طائفة أو أصحاب مذهب أو لغة أو عرق يعتبر جريمة في حد ذاته، فإن الانتقاء والتجزئة والطأفنة في معالجة التمييز يُعد أيضا جريمة أخرى يمارسها المميز ضدهم.
يكذب من يقول أو يكتب بأن التمييز في البحرين واقع على طائفة أو على المنتسبين لمذهب واحد فقط.
فالتمييز يقع على فئات عدة في المجتمع. ويمارس الفعل التمييزي مستويات مختلفة من البشر. بعضهم في مواقع عملهم في الدولة. كالوزراء والوكلاء والمديرين، والبعض الآخر في القطاع الخاص أو القطاعات المختلطة (الحكومية والخاصة). وبعض التمييز ينطلق من دواعٍ طائفية محضة، والبعض الآخر من منطلقات قبلية، وهناك تمييز من أعراق ضد أعراق أخرى. وبعضها من طبقة ضد طبقة أخرى. بعض التمييز يجمع أكثر من لون من هذه الألوان.
إذا الحديث عن التمييز لا يتعلق بطائفة معينة أو فئة محددة، بل المحترقون بنار التمييز كثر. وحينما كنت وأحد الزملاء نتحدث عن هذا الموضوع قفز قفزات كبيرة في الهواء، وتحدث شارحا ومعلقا على وجود تمييز ضد فئة من الفئات في البحرين، ونفى التمييز ضد فئات أخرى، أو قال لا يعنيني أن يكون هناك تمييز ضد باقي الفئات... هذا الكلام غير منطقي من شخص يدعي أنه يحارب التمييز، إذ يتضح أنه يمارس التمييز، أو يقبل بوجوده إن تمت ممارسته لصالحه وضد فئات أخرى غير الفئة التي ينتمي إليها!
بالأمس خرج علينا أحد الإخوة الحقوقيين وحاول طأفنة الفقر بكلام طويل عريض، وبعد أن تبين له خطأ موقفه وأقر بذلك، يخرج علينا اليوم ويطأفن التمييز، ويبث الأكاذيب والترهات ويشعل الفتن. وحينما نقول إن هذا الأخ لا يتحرك وفق إرادته المحضة، نحن لا نفتري عليه، إذ يتضح ممن يتتبع تحركات هذا الفريق أنهم يقدمون خدمات جليلة لأجندة خارجية واضحة (أميركية) في المنطقة. وقد أصبحوا اليوم أبواقا لتلك المنظمات ذات الارتباط باستخبارات دول الاستكبار العالمي!
هؤلاء معروفة ارتباطاتهم بالأجهزة والمنظمات الأجنبية التي تدعي أنها تدافع عن حقوق الإنسان إلا أنها تغض الطرف عما يجري في فلسطين والعراق. وكأن الأرواح التي تزهق هناك ليست من جنس بني البشر! ويقوم هؤلاء المرتبطون بالخارج بتوزيع الاتهامات ضد من يعارضون عمالتهم واستزلامهم لتلك القوى الأجنبية، فتارة يتهمون أشخاص بأنهم من المخابرات وتارة أخرى يتهمون آخرين بأن لديهم ارتباطات بالبوليس ويتهمون غيرهم بالقبض من أصحاب السلطة والنفوذ... إلخ، وهكذا دواليك.
حقوق الإنسان كل لا يتجزأ، والتمييز هو كل لا يتجزأ، وإلا كان من يطالب بوقف التمييز كما لو أنه يمارس التمييز من خلال تجزئة القضية، أو طأفنتها وبالتالي فإنه يمارس التمييز بين المميز ضدهم!
لذلك، فإن أفضل السبل للتعايش السلمي هي القضاء على التمييز كثقافة مجتمع ابتداء. ومن ثم المطالبة بنشر مناهج التربية الوطنية، وتجريم التمييز قانوناَ، ومنع واستئصال الطائفيين الذين يتحدثون على المنابر أو أسفل منها، ويغلقون مكبرات الصوت. هؤلاء هم المجرمون ابتداء.
إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"العدد 2067 - السبت 03 مايو 2008م الموافق 26 ربيع الثاني 1429هـ