العدد 2067 - السبت 03 مايو 2008م الموافق 26 ربيع الثاني 1429هـ

مصادرة المقامين والاعتصام ضد فتح سفارة البحرين في بغداد

عباس هاشم Abbas.Hashim [at] alwasatnews.com

في أحسن الأحوال هو مجرد مكبّر للصوت، غير أنه مخصص من قبل أصحابه فقط لإسماع الناس الأصوات المنكرة. وحين يصدر عن هذا النائب مثل هذا الطلب الخطير بمصادرة مساجد لطائفة وضمها لطائفة ثانية، ويمزج ذلك بكلماته الاستفزازية التكفيرية عن زيارة القبور، فهذا قد يكون مؤشرا على وجود تحركات جديدة تقودها الخلية المرتبطة بالتقرير المثير في الخفاء الذي ورد فيه اسم ذلك النائب. بمعنى آخر، أن مثل هذا النائب كمثل ارتفاع حرارة الجسم أو ما يُطلق عليها باللغة الدارجة (سخونة)، فعندما يُصاب الجسم بالسخونة، إنما ذلك دليل على حدوث تغيرات غير طبيعية بداخل الجسم، وهذه التغيرات تتراوح بين مرض بسيط أو مرض خطير، فكل تلك الأمراض تنتج عنها (سخونة). ولا يمكن فصل ما يصدر عنه عن الوظائف المناطة له كما تحدّث عنها التقرير المثير ذات الارتباط بجهات متنفذة وكبيرة.

وأن يصدر طلب مصادرة المقامين من قبل هذا النائب، وبعد أيام يقرر المجلس الأعلى للشئون الإسلامية بجعلهما تحت عهدته، فهذا أمر غير طبيعي مطلقا، فلا وجود لخلاف طائفي على المسجدين أصلا حتى يمكن الزعم أن خطوة المجلس جاءت لحسم هذا الخلاف، وليس معلوما إن وُجدت مادة قانونية تتيح للمجلس السيطرة على المساجد كلما نفخ نافخ في بوق الفتنة؟ وما دور إدارتي الأوقاف الجعفرية والسنية إذا ضم المجلس في عهدته المساجد؟

لقد أثارت هذه الخطوة الريبة من إمكان كونها مقدمة تمهيدية لخطوات تهدف لإلغاء الأوقاف بفرعيها السنية والجعفرية وجعل المساجد تحت سيطرة الدولة مباشرة عن طريق المجلس.

من الصعب التصديق بأن خطوة مصادرة مقامي صعصعة والشيخ إبراهيم من الأوقاف الجعفرية صادرة بقرار مستقل من المجلس الإسلامي الأعلى، فالفبركة غير مستبعدة مطلقا، وخصوصا أنه قد اتضح أن بعض الأعضاء في المجلس تفاجأوا ببيانه الذي يعلن ضم المقامين تحت عهدته من خلال الصحافة فقط، بمعنى أنه لم يحصل اجتماع بهذا الخصوص ولا تداول ولا تصويت خلافا للمادة (5) للائحة المجلس الداخلية وفيها أن تصدر القرارات والتوصيات بأغلبية ثلثي عدد الأعضاء الحاضرين. والمثير أن تأتي هذه الخطوة المشبوهة متواكبة مع الاعتصام الذي تم تنظيمه ضد الأوامر الملكية بفتح سفارة البحرين في بغداد، الذي لبس خلاله بعض المعتصمين قمصانا عليها صور أسامة بن لادن وتم خلاله تقديم دمية لجندي أميركي مقطوع الرأس ومبتور الأطراف. وقد أقامته مجموعة يتقدمها رجل لم نعلم بأن له عهد بالتدين أصلا. ومن يعلم مدى سيطرة الدولة الذي ثبت بالأحداث على تلك المجموعات الدينية يكاد أن يتيقن أن الرسالة ليست موّجهة للأميركان، ولكنها موّجهة للداخل.

إن مثل تصرف المجلس الأعلى عملية إشغال للساحة وإلهاء الناس ولكن ليست بأمور هامشية، وإنما يمس أمورا مثيرة ومستفزة، فخطوة انتزاع مقامي صعصعة بن صوحان أحد أصحاب الإمام علي بن أبي طالب (ع) وإبراهيم نجل قائد جيش الإمام علي، مالك بن الحارث الأشتر أثارت مزيدا من التوجسات لدى كبار رموز الطائفة الشيعية بشأن الأهداف التي ترمي لها الجهة الحقيقية التي تقف خلفها، فأصدر كبار فقهائها بيانات ترفض وبشدة هذا القرار، وخصوصا أن المقامين لهما دلائل على الجذور التاريخية للطائفة تحاول جهات أن تدحضها وتطمرها بمختلف الوسائل كقيام جهات مجهولة أخيرا بنشر كتيبات تشكك في الوجود التاريخي لهذه الطائفة، ولم نعلم بتحرك للدولة من أجل القبض على من يقفون خلف تلك الكتيبات، فضلا عن الأقراص المدّمجة. ويشتد الوجل مع الممانعة الصارمة لكبار المتنفذين من فتح ملف التقرير المثير، وتعزز هذه التوجسات عمليات التجنيس الواسعة التي ثبتت من خلال أرقام الوزير عطية الله، بجانب التمييز الطائفي الموجود في الواقع الذي لا تعترف الدولة حتى بوجوده كخطوة أولى لمحاربته.

إقرأ أيضا لـ "عباس هاشم"

العدد 2067 - السبت 03 مايو 2008م الموافق 26 ربيع الثاني 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً