أعجب مما يعمد له بعض الفنانين والذين ما ان نزلوا أو حلوا ببلد لإحياء حفلة أو حضور مهرجان إلا وأعلنوا عن دعمهم لبعض الفئات فيه دعم نفسي و«مادي» ونضع أسفل الأخيرة ثلاثة خطوط حمراء فهذا ما يروجون له في المقام الأول، فترى فنانا يكفل يتيما، وراقصة تقيم موائد الرحمن وأخرى تساعد الأطفال من الاحتياجات الخاصة لا حبا في الإنسانية وإنما في الظهور بالمزايدة على حاجة وآلام الناس.
وإصبع اتهامي هنا لا يتوجه عبثا، فأعول في ذلك بأن من هدفه الخير وأن يكون عمله في ميزان حسناته لا يتحين كل فرصة وكل محفل إعلامي ليعلن عن عمله «الخيري»، ليقول بكل صراحة وجرأة «انظروا أنا خادم الإنسانية».
المضحك في الأمر أن هذه النوعية من الفنانين لم يدركوا بعد بأن هذا الأسلوب بات «موضة قديمة» أكل الدهر عليها وشرب وأسلوب مكشوف لكسب تعاطف الجمهور وتحقيق الشهرة وإن كانت على حساب قضايا لا تمت للفنان وفنه في شي، وما هو ملفت بأنهم يتصدرون الصفحات الأولى والفنية للعلان على توجهاتهم الإنسانية فهل يعتقدون بأن مثل هذه التصرفات قد تنطلي على شعب واعي لا ينتظر المزايدات على قضاياه!!
وللعلم لم يعد جمهور اليوم كجمهور الأمس، بات أكثر وعيا وقادرا على تميز هذا الفنان من ذاك والتفرقة بين الفن الراقي والإسفاف، ونقولها لمن يعنيه الأمر: لسنا بحاجة لدموع تماسيح وتأثر حاولتم إتقانه مرارا وتكرارا، وفئاتنا الخاصة وجائعينا وفقرائنا ليسو بحاجة لموائدكم وأموالكم وبصراحة أكثر لسنا بحاجة لمشاعر مصطنعة .
العدد 2065 - الخميس 01 مايو 2008م الموافق 24 ربيع الثاني 1429هـ