لم يتجاوز عمره 11 سنة، ما إن ينتهي دوام المدرسة (الثقيل على نفسه) ويصل إلى البيت، حتى يلقي بحقيبته عند الباب ويسارع إلى جهاز الكمبيوتر متصفحا الإنترنت، وتحديدا المنتديات الإلكترونية الزاخرة بأخبار القرى والحوادث، مرددا ما يتوارد إلى أسماعه من هتافات... تسأله من أولئك الذين تهتف ضدهم؟ ومن الذين تهتف لهم؟ ولماذا؟... لا يعرف سوى الأسماء ومطالب لو جلست لتفسرها له قد تحتاج إلى أيام ومفردات أبسط من البساطة حتى تصل إلى ذهنه الصغير!
الحكاية ليست من نسج خيال، ومن يعيش في القرى وقلب الحدث لن يجدها غريبة عليه أبدا، فقط تحتاج إلى مراقبة أولئك الصغار الذين يدفعهم الفضول أحيانا، وشغب الطفولة أحيانا أخرى، وهرمونات المراهقة الشقية في كثير من الأحيان، إلى الاندماج في عالم الكبار المليء حاليا بالصراعات، إذ يجدون فيه متنفسا لكل المشاغبات التي تختلج في أنفسهم فينخرطون في الصراع من دون وعي. في الحديث في هذا الموضوع تجد نفسك أمام معادلة «يسوونها الكبار ويطيحون فيها الصغار» ولكنها هنا تحتمل أن تقلب على الوجهين، فالكبار عبئوا - وربما من دون قصد - رؤوس الصغار بما يحاكي غريزة الشغب بداخلهم دون عقولهم فجنوا عليهم، والصغار قد يحركهم الشغب أيضا في أوقات السكينة التي بتنا نفتقدها ونعدها معجزة إن عمت الأرجاء في أيام الإجازة، فيبادروا بشخطة قلم شقية أو حرق إطار أو قمامة إلى إشعال الوضع من جديد، لأن رجال الأمن (ليس لديهم الوقت الكافي) للإجابة عن أسئلة من أشعل الحريق وفي ماذا ولماذا؟ حتى يتطور الأمر إلى جر أبرياء إلى السجون لعبث صغار ليس أكثر!
لن نعدم الوسيلة في معالجة الأمر الذي لا يحتاج منا إلى اختراع جديد، ولكن «التكرار يعلم الشطار كما يقولون»، فالعلاج بيد ثلاثة: الأسرة التي يجب عليها مراقبة أبنائها وتوجيههم، والمجتمع ويشمل هنا قوى المعارضة نفسها بتفهمها لطبيعة المجتمع وفئاته وطريقة تفكير كل واحدة من هذه الفئات وبالتالي عليها اختيار العناصر الملائمة والمناسبة (الواعية) التي تتفهم الأمور وتستطيع أن تصل إلى ما تبتغيه من دون تصعيد ومن دون الإضرار بأبنائها قبل أي شيء آخر، الأمر الذي سيصب في صالحها ويقوي من موقفها... كما أن للرموز الدينية دورا كبيرا كذلك في التوجيه والتهدئة وخصوصا أن الكثير منها مرجع لكثير من الناس ولا يتحركون إلا بمشورتها، والعنصر الثالث هو الدولة وعلى رأسها وزارة الداخلية بالتروي قليلا قبل مكافحة «أعمال الشغب» التي قد يكون الكثير منها ناتجا عن عبث أطفال ليس إلا، فلا يحتاج منها إلى رد العنف بعنف يساويه أو أكبر منه.
وعلى ذلك، فالسياسيون الصغار أولئك أمرهم هين ومن الممكن أن يعالج بسهولة، ولكن ماذا عن السياسيين الكبار سنا (فقط) الصغار عقلا وتفكيرا؟!... أولئك باتوا في انتشار بعضهم مستغلا بشته، والبعض الآخر مستغلا عمامته أو «لحيته»، والكل يفتي في السياسة ويجر وراءه رعيلا من المنقادين بشكل اعتباطي، الذين لا يسمحون لعقولهم بالتفكير والتدبير... أولئك مشكلتهم «عويصة» حلها يقع على الدولة بالدرجة الأولى إذ أولئك كبروا أو وجدوا أنفسهم أكبر من أن توجه إليهم النصائح التي عليهم اتباعها، فهم منزهون عن الخطأ ورأيهم صواب دائما وكل من يخالفهم هو خارج عن الملة ويجوز نصب الحد عليه!... أولئك على الدولة اقتصاصهم من - على الأقل - مواقعهم الحساسة التي نجد أنفسنا (نحن الخارجين عن ميدانهم) مجبرين على سماع نشازهم الذي غالبا ما يثير حفيظة البعض منا على البعض الآخر، ونحن من ذلك براء.
إقرأ أيضا لـ "عبير إبراهيم"العدد 2063 - الثلثاء 29 أبريل 2008م الموافق 22 ربيع الثاني 1429هـ
غير سياسية صغيرة
السلام عليكم
انا اسمي اسو و انا مسلمة و عندي 16 سنة
و انا مش سياسية و لا بفهم في السياسة و لا عايزة افهم
كلنا عارفيين ان ناس كتير ماتت بسبب انها قالت رأيها
و انا مش بخاف بس بكره الموت اوي و مش مستعدة اشوف ناس بتموت و تصرخ عشان بس قالت رأي بصراحة من غير مايكون ليها ضهر يحميها
اتمني شرح مبسط و توضيح اكتر للكلام ده
شكرا جدا