العدد 2063 - الثلثاء 29 أبريل 2008م الموافق 22 ربيع الثاني 1429هـ

إلى النواب... السواحل والتعديل الدستوري

عباس هاشم Abbas.Hashim [at] alwasatnews.com

بعد أن تم دفنه منذ السبعينات من الخزانة العامة للدولة، تقاسم بعض القوم أراضي البحر واستحوذوا على المردود الهائل الذي ينهمر عليهم إلى يومنا هذا، وقوم آخرون صادروا الأراضي الزراعية ونزعوها من أيد المزارعين، ثم حوّلوا المظاهر الخضراء إلى أحجار وصخور، أما المزارع المتبقية، فانه وبعد عمليات دفان البحر تحطّمت قنوات المياه العذب الطبيعية والقادمة عبر البحر من الإحساء إلى جزيرة أوال، فأصبحت مياه العيون كعين عذاري وغيرها ذات مياه آسنة فقُضي على ما تبقى من رقعة خضراء وماتت فيها النخيل واقفة. وهكذا تحوّل ما بقي من الحزام الأخضر الذي يلف خاصرة القرى إلى حزام أشعث أغبر.

ثم بعد ذلك استيقظنا من نومة الغافلين أو المتغافلين بعد أكثر من ثلاثة عقود من تسّلط قانون أمن الدولة سيئ السمعة، وإذا بسواحل جزر البحرين في عصر الإصلاح، تضيق بأهلها على قلة عددهم، فلم يبق مما هو متاح لهم من هذه السواحل سوى 3 في المئة والباقي تم تفريقه على القوم وأبنائهم.

الدعوات الآن توجه لملك البلاد باستعادة هذه السواحل وضمها للملكيات العامة. ولكن حتى وإن حصل ذلك فلا يكفي، لأنه بعد عدّة سنوات ستعاود الدولة توزيع الملكيات العامة كالسواحل، ومن ثم إعادة شرائها من الأموال العامة للدولة. أي إليكم نهب ونعطي، ومنكم بعد ذلك نشتري.

الدولة - وفقا لفهم بعض المفكرين الإسلاميين - ملزمة دستوريا بمنع تمليك السواحل ملكية خاصة. والدستور ينص على التالي: «الملكية ورأس المال والعمل، وفقا لمبادئ العدالة الإسلامية» (المادة 9، بند أ).ووفقا لهذه المادة الدستورية، ولأن الملكيات العامة في الإسلام نوعان، ملكية أمة وملكية دولة، ولأن السواحل تقع ضمن ملكيات الدولة، فإن الحكم الشرعي الأشهر لدى المفكرين الاقتصاديين الإسلاميين المعاصرين في ملكيات الدولة بعدم تملكيها ملكية خاصة أبدية، بمعنى حرمة تملّك رقبتها للأفراد، فكيف جاز وهب هذه الملكيات لأفراد يقيمون عليها مشروعات كالفنادق وكل ما فيه متع للمترفين مما ليس له مردود يُعتد به على عامة الشعب؟ بجانب حرمان الشعب من البحر الذي يحيط ببلدهم من كل حدب وصوب.

حتى في الدول الرأسمالية العتيدة، إذ إن هذا النظام قائم في نظريته الأصلية على ملكية واحدة، وهي الملكية الخاصة، مع ذلك حينما ثبت لهم بالتجربة ضرر هذه النظرية من هذا الجانب، بدأت بعض تلك الدول تسترد السواحل والأنهار والغابات من أيدي الأفراد الذين تملّكوها في فترة من الفترات وتضمها إلى الملكية العامة التي يُفترض وفقا للنظرية الرأسمالية بعدم وجودها. لأن وجود الملكية العامة، تعني تلقائيا تدخل الدولة في الشأن الاقتصادي بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، وهذا يتناقض تمام التناقض مع النظرية الرأسمالية التي تمنع من تدخل الدولة في الشأن الاقتصادي.

ينبغي أن يتحرك النوّاب الأفاضل على إصدار قانون باسترداد السواحل ولو بفرض ضريبة عالية جدا على من يتملكها، ولكون القانون قابلا للتعديل مستقبلا، ومن ثم قد يتم توزيع السواحل مرة أخرى، فان الخطوة الأخرى، إجراء تعديل دستوري بإضافة مادة، تمنع بشكل صريح منعا باتا التملّك الشخصي للسواحل، وتضمن هذه المادة بأن قيام أي مشروع ساحلي مستقبلا يصب في صالح خزانة الدولة ولا يفرّق بين الشعب والبحر.

إقرأ أيضا لـ "عباس هاشم"

العدد 2063 - الثلثاء 29 أبريل 2008م الموافق 22 ربيع الثاني 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً