الاحتجاج الوفاقي على ما قام به نواب الكتل الأخرى حين أظهروا تأييدهم ومساندتهم للوزير عطية الله قبل دخوله وبعد خروجه من قاعة الاستجواب كان في محله، فلا يجوز - عرفا - أن يقف النواب الذين هم ممثلون للشعب في جانب وزير مستجوب. إلا أننا يوم الأمس بالتحديد، لم نفهم لماذا قام الوفاقيون أنفسهم بالوقوف لجانب الوزير بن رجب مؤيدين ومفندين ومستهزئين بما قدمته الكتل في استجواب وزير «البلديات» ومؤكدين قوة دفوع الوزير.
وسواء أكان وقوف نواب الوفاق لجانب الوزير بن رجب كان ردة فعل على ما قامت به الكتل الأخرى في استجواب الوزير عطية الله، أو كان انتصارا للتقسيم الطائفي فإن ذلك لا يغير من حقيقة أن هذه الفزعة الوفاقية لبن رجب لم تكن مبررة، فالدفوعات المقدمة من المستجوبين للوزير بن رجب كانت في بعضها قوية كما أن أزمة النظافة التي عصفت بمدن البحرين وقراها كانت بالفعل تستحق طلب استجواب الوزير بل وطرح الثقة فيه.
كان على الوفاقيين ألا يظهروا على صفحات الصحف للدفاع عن الوزير بن رجب وإن كانوا يعتقدون أن استجواب الأخير كان ردة فعل على استجواب الوزير عطية الله، فالحكومة وحدها هي المسئول عن مهمة الدفاع عن وزرائها الذي عينتهم وليست الكتل التي من المفترض أن يكون نوابها ممثلين لأبناء الشعب لا مصالح الوزراء ومذاهبهم.
الخطأ الوفاقي الذي سبقته أخطاء الأصالة والمنبر والمستقلين كلها باتت دلالات واضحة على أن المجلس النيابي بات بعيدا عن تمثيل صوت المواطن البحريني، بل هو بالتحديد، جهاز تمثيل طائفي للسنة والشيعة في البحرين، على أن هذا التمثيل الطائفي ليس دقيقا أو حقيقيا فهو تمثيل محصور فيمن لا يقرأ / يفهم البحرين إلا من منظور أننا كبحرينيين إما أن نكون شيعة أو أن نكون سنة. وهذه المرضية التي اشتركت الوفاق يوم أمس في تأكيدها وتثبيتها تعني بالضرورة: أن كل بحريني يؤمن بالوطن الواحد للإنسان البحريني هو خارج دائرة التمثيل النيابي في البحرين بل إنه خارج المنظومة كلها، وهنا سيكون كل شيعي وفاقيا بالضرورة، وسيكون كل سني عضوا في الأصالة أو المنبر بالضرورة، وهذه مغالطة كبيرة ومرفوضة تماما.
إن غالبية البحرينيين ليسوا مهووسين بأن يتم تصنيفهم بأنهم شيعة أو سنة، بل إنهم يرفضون التصنيف وفق ثنائية هذا القالب، لكن المشكلة أن لا وجود لحاضنة سياسية وطنية تستطيع أن تجمع هؤلاء قبالة الحاضنتين الطائفتين الشيعية والسنية، وهو ما يجعل من هؤلاء في هامش البحرين على رغم أنهم الأولى بالبروز والظهور والإمساك بمستقبل العملية السياسية، هذا إن كنا بالأساس نبحث عن إصلاح سياسي حقيقي بعيد عن مترسة السنة وطموحات الشيعة.
إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"العدد 2063 - الثلثاء 29 أبريل 2008م الموافق 22 ربيع الثاني 1429هـ