العدد 206 - الأحد 30 مارس 2003م الموافق 26 محرم 1424هـ

الإعلام العربي يتألق عالميا، فأين البحرين من ذلك؟

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

في فترة وجيزة برزت على السطح وسائل إعلامية عربية تقدم إلى المشاهد والمستمع والقارئ مواد خبرية وتحقيقات ومعلومات تفوقت فيها على وسائل الإعلام العربية. بل أن المحطات الفضائية الأميركية والبريطانية بدأت تنقل عن "الجزيرة" والعربية" و"أبوظبي" لما لهذه القنوات من سعة وعمق في تغطية الحوادث المؤثرة في عالم اليوم.

كانت بداية الإعلام العربي الجزئ في لندن عندما انتقلت الصحافة من لبنان بعد الحرب الأهلية إلى باريس ومن باريس إلى لندن. ومن لندن انتقل عدد مهم من الإمكانات والطاقات الإعلامية إلى قطر والإمارات.

الانتقال من باريس إلى لندن كان لأسباب سياسية، فالفرنسيون تدخلوا في نوعية الصحافة المسموح بها وضايقوا هذا الطرف وسمحوا لذلك ما أدى إلى انتقال الصحافة العربية إلى لندن إذ الحرية الكاملة للصحافيين العرب في تحرير وإنتاج وتوزيع الصحف والمجلات. وفي عز أيام الصحافة العربية اللندنية كان هناك عشر صحف عربية يومية وعلى الأقل خمسون مجلة أسبوعية وعدد كبير من الدوريات والنشرات التي تصدرها جماعات المعارضة والهيئات العربية الموجودة في لندن.

ثم كانت النقلة النوعية للإعلام المرئي عندما بدأت الـ "بي بي سي" محطة فضائية عربية في منتصف التسعينات، ودربت طاقما متكاملا لتلك المحطة. ولكن خلافات حدثت بين المساهمين في المحطة (البي بي سي عقدت اتفاقات مع آخرين من أجل توفير المحطة) أدت إلى إغلاقها. ومباشرة كانت الجزيرة ستبدأ في الدوحة، وانتقل كثير من الطاقات التي دربتها البي بي سي من لندن إلى الدوحة. وهكذا بدأت الجزيرة مع نخبة من أفضل الصحافيين العرب الذين تمرسوا على العمل المهني على أسس وضوابط دولية.

النقلة النوعية التي أحدثتها "الجزيرة" انتقلت بسرعة إلى الإمارات العربية المتحدة مع تطوير قناة "أبوظبي" وثم تدشين محطة "العربية" أخيرا من قبل تلفزيون الشرق الأوسط وآخرين مشتركين في المشروع. ثم انطلقت في لبنان عدة محطات مهمة مثل "المنار" و"المستقبل" وأخيرا دخلت إيران على الخط عبر تدشين قناة "العالم" الفضائية من بيروت بصورة أساسية. وهكذا بدأت العواصم المهمة في الإعلام العربي تتشكل وتتنوع بين الدوحة ودبي وأبوظبي وبيروت للتخلف عن ذلك الركب الكويت والقاهرة والبحرين.

أن التحاق البحرين بالدول التي تخلفت عن التطور الإعلامي العالمي يعتبر مفاجأة لكثير من الناس الذين توقعوا أن توفر السوق البحرينية المتطورة من ناحية إمكاناتها المحلية ومن ناحية حيوية أجوائها، موقعا متميزا يستقطب هذه الصناعة المهمة جدا التي بنموها تنمو عدة صناعات أخرى مثل صناعة الإعلانات والدراسات والنشر والمكتبات والضيافة والمؤتمرات والترجمات والسياحة وغيرها من الصناعات التي توفر دخلا ووظائف للمواطنين.

عندما قرر تلفزيون الشرق الأوسط (MBC) الانتقال من لندن إلى البلاد العربية كانت الخيارات هي لبنان، الأردن، الإمارات، مصر والبحرين، ولكن الخيار وقع على دبي لأسباب كثيرة، أهمها الدعم الرسمي للقطاع الإعلامي وتوفير متطلبات المهنة كافة، وتقليل البيروقراطية والرقابة وعدم وجود قانون يهدد ويتوعد كل من يعمل في الصحافة. أما البحرين فلم تتمكن من استقطاب محطة تلفزيون مهمة، وحتى عندما قرر تلفزيون الشرق الأوسط بدء محطة "العربية" لم يفكر مديرو التلفزيون في البحرين إلا في إطار القناة الثانية التي تبث أفلاما مسجلة ولاتحتاج إلا إلى عدد قليل من الموظفين لتشغيل الأفلام التي تبثها المحطة. ولكن الشبكة الإخبارية وإنتاج البرامج الكبرى كلها في دبي، وغيرها، وليست في البحرين.

كان هناك حديث عن انتقال محطة "أوربت" من ايطاليا إلى البحرين، ولكن إلى حد الآن لم نر أثرا لذلك الانتقال ولا نعلم ما إذا كانت هناك برامج لاستقطاب واحدة من تلك المشروع الضخمة أم لا. وفي حديث مع إعلاميين كانوا قد زاروا البحرين خلال أحدى الفعاليات تحدث أحد المشتغلين في تطوير قنوات إعلامية عن عدم التفكير في البحرين بسبب وجود "تدخلات" رسمية تحد من جاذبية البحرين، بالإضافة إلى صدور قانون للمطبوعات والصحافة يمكن أن يخنق الصحافيين ويرسلهم إلى السجن بقرار سياسي، خصوصا أن القضاء (متمثلا في النيابة العامة) إنما يتم تشغيله ضد الصحافي والناشر بقرار وزاري (بحسب ما ورد في قانون الصحافة).

وهذا القانون السيئ كان من المفترض أن يتم تعديله، إلا أن ايا من ذلك لم يتحقق، بل أن وزارة الإعلام باشرت في تنفيذ بنوده وملاحقة بعض العاملين في قطاع الصحافة ويتم حاليا مطاردة الصحافيين والناشرين ومندوبي الوكالات وغيرهم. وهذه المطاردات ستقضي على ما تحقق من نمو بسيط أخيرا، وستودي الملاحقات إلى مزيد من التخلف عن اللحاق بالركب المتطور.

وإلى حد الآن لا تبدو هناك اية بارقة أمل في أن يتم تعديل القانون السيئ على رغم الوعود الرسمية بذلك، فلم تجتمع اللجنة التي أمر سمو رئيس الوزراء بتشكيلها منذ رمضان الماضي، بل أن المؤشرات تدل على أن القانون في طريقه إلى التطبيق الصارم للقضاء على مالدينا من حرية صحافية، وهذا بدوره سيؤدي لاحباطات لاتفيد حركة الإصلاح السياسي أو الاقتصادي

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 206 - الأحد 30 مارس 2003م الموافق 26 محرم 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً