العدد 2059 - الجمعة 25 أبريل 2008م الموافق 18 ربيع الثاني 1429هـ

«اتحاد النقابات» على خطى «التعددية النقابية»!

خالد المطوع comments [at] alwasatnews.com

الوضع العمالي قد يكون أصبح مهيأ ومعدا أكثر من ذي قبل لتطبيق سيناريوهات وأجندة «التعددية النقابية» طالما كانت الأجندة الحزبية السياسية أو خطوط التمكين السياسي «الشرعي» حاضرة بقوة حتى في الساحة العمالية وميادين مطالباتها الوطنية، فهل تكون «الوفاق» قد خدمت مرة أخرى وبتفان أجندة بعض أجهزة السلطة ومتنفذيها الجدد من دون أن تدري، مثلما هي خدمتها بإخلاص أكبر حينما رفضت سابقا الدخول بقائمة وطنية موحدة للمعارضة في البرلمان فما زالت تدفع ثمن ذلك بمنتهى الفداحة؟!

لا أدري صراحة متى سيتم إنهاء تبادل الهدايا مرة أخرى بالعناوين الغلط بين «الوفاق» وبين بعض أجهزة السلطة، أو بين الإخوة الأعداء!

هل تكون «الوفاق» قد انساقت نقابيا هذه المرة بالحماسة ذاتها التي سيقت فيها إلى البرلمان والتي ساهم للأسف زملاء أعزاء في تدشين شرارتها الأولى بالإعلان عن دخول «الكتلة الأكبر» و»أكبر كتلة برلمانية في تاريخ البحرين» إلى برلمان 2006 فنفخوها حتى استحالت بالونا تتقاذفه أهواء السلطة وأصبحت بالتالي كتلة أصغر في يوم برلماني كبير، وهي لدى أذرع وهلوسات السلطة المستنفرة كائن سياسي لا بد من تقطيع كيانه وهرسه على سطوح البرلمان وقد امتد الآن نفوذه إلى الكيان الموحد الذي من المفترض أن يمثل نقابات عمال البحرين، فبالتالي ستكون هناك خطوة مضادة من ذات المحيط والوكر الداهية لزيادة الطأفنة عن ما هي عليه حاليا؟!

هل سيكون «اتحاد النقابات» الذي غاص للأسف في مستنقعات التسييس والحزبية والأدلجة حتى أذنيه على موعد مع نقابات «المنبر» و»الأصالة» وربما نقابات «المستقلين» ونقابات «غونغو» تعدها لها قوى سلطوية متنفذة في ما وراء الكواليس، كما هي أعدت لسابقتها الكتلة البرلمانية «الوفاقية» من مشاهد مسرحية من دون «بروفات» و»ماكياج» حتى وصل بها المطاف إلى ما هي عليه؟!

وهل ستفرض التركيبة العارية لـ «اتحاد النقابات» عليه الكثير من أعضائه قابلية أن يتم استهلاكهم من قبل خصومهم المتربصين في مطالبات المحاصصة الطائفية، عوضا عن الأسس والركائز المبدئية العامة المرتبطة بالدفاع عن أحقية ومشروعية العمل النقابي والمواجهة كجسد وطني قوي ما يواجهه النقابيين من اضطهاد وتعسف في أماكن عملهم؟!

لو كنت مكان من سيكونون بحكم الأمر الواقع حاملين لواء العمل النقابي وممثلين لعمال البحرين في هذا الكيان لربما تنازلت عن نفسي للكثير من الخبرات النقابية الرائدة والكفاءات الواعدة أيا كان انتماؤها لتكون ممثلة جديرة ومستحقة لمطالب وحقوق عمال البحرين.

ماذا لو أنهم مثلا دعموا وتآلفوا وراء وجه نقابي نسائي أثبت كفاءته وجدارته مثل نجية عبدالغفار في خضم ما تواجهه هي ورفاقها من تصعيد من قبل إدارة البريد يضرب بجميع الأعراف العامة عرض الحائط، ستكون حينها رسالة مبدئية واضحة ومبشرة عن الأجندة المستقبلية للاتحاد الذي سيدافع بقوة عن حقوق النقابيين في القطاع العام ناهيك من الترحيب والاحتفاء الدولي بهذا الخيار لكون القضية باتت مدولة، وذلك بدلا من أن يتم وضع بيض الاتحاد في السلة الحكومية والسلطوية كما لو أنها بانتظار أن تفرخ طائفيا لا غير، وتظل المسألة النقابية بعدها مسألة طائفية لأول مرة في تاريخ البحرين!

ولكن مهلا هل من قدر «الوفاق» أن تدفع كل مرة أقساط التأمين السياسي ضد التعطل الاجتماعي لــ «وعد» (1 في المئة) وغيرها؟!

ما قد لا أختلف حوله على صعيد المسئوليات الذاتية هو أن «وعد» قد فرطت في المرحلة الأخيرة كثيرا بمكانتها الريادية وقبلها بهويتها التنظيمية الفارقة وبمبادراتها الوطنية مثلما فرطت في قواعدها الاجتماعية التي أنهكها الإهمال أكثر من إنهاك القوى السلطوية المتنفذة، بل ولا يبدو لها أساسا أي تحرك فعلي وملموس لتعزيز تلك الشبكات الاجتماعية الفاعلة والمرنة التي شيدها أنصارها ومؤيدوها المخلصون في الانتخابات النيابية الأخيرة، وربما الآن أوشكت على تقويضها، ولن تعيدها أبدا المثاليات الرومانسية للأخ إبراهيم شريف في هذا الصدد لكونها تتصادم مع خيبات الحلقات الواقعية المفرغة التي تأتي على حساب صحة وعافية التنظيم دون غيره، وستكون لنا وقفة أخرى مع ذلك قريبا.

ولعل ما أذهلني هو أن يبادر أحد كبار قيادات العمل النقابي التاريخية المعروفة في البحرين إلى المبادرة بإرسال رسائل التعزية إلى الجميع بهذه المناسبة، وكأنما هو استشعر بذلك أمرا شؤما ومنعطفا خطيرا قادما لم يتم استدراكه حتى الآن، وأرجو أن لا يكون قد عزى صاحبنا بالغلط أصحاب الجنسية «الوفاقية» و»الوعدية» المزدوجة في التنظيم لئلا يكدر عليهم فرحتهم، فهم قد استقرت محيطاتهم الرجعية الأقرب وإن تشوشت آفاقهم التقدمية التي باتت قصية وعصية!

وسيبقى من المهم أن لا تصير الرعونة السياسية كنزا لا يفنى أبدا كما أصبحت من قبل واحتلت بالتالي مكان القناعة الوطنية العالية!

إقرأ أيضا لـ "خالد المطوع"

العدد 2059 - الجمعة 25 أبريل 2008م الموافق 18 ربيع الثاني 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً