يخطط السيناتور باراك اوباما والسيناتورة هيلاري كلينتون للقيام بتثبيت «أزمة الرهن العقاري» بطرق ستعمل على تفاقم الأمور ليصبح الوضع أكثر سوءا إلى درجة كبيرة.
ادعى اوباما ان قانونه المسمى بـ «قانون إيقاف الاحتيال» سيعمل على إيقاف «سماسرة الرهن الذين يقومون بخداع مقترضين من ذوي الدخل المتدني لقبول قروض ليس بإمكانهم تحملها. ويقدم ذلك القانون، على وجه الدقة، وعدا بان يتم «إيقاف الصفقات التي تتم بغرض ترويج الاحتيال والمخاطرة».
يرغب اوباما في مليارات لا تحصى ولا تعد لإنشاء «صندوق لمساعدة الأفراد في إعادة تمويل رهوناتهم ولتقديم مساعدات شاملة إلى أصحاب المنازل البريئين... وسيتم الدفع إلى الصندوق، بشكل جزئي، من قبل غرامات متزايدة يتم فرضها على المقرضين الذين يتصرفون بلا مسئولية.» وفي ديسمبر/ كانون الأول الماضي، اقترحت كلينتون بان يتم إنشاء صندوق مماثل من أموال سرية، بدأ بمبلغ 5 مليارات دولار إلا انه سرعان ما ارتفع إلى 30 مليار دولار. ومن المؤكد أن يقوم هذا النهج بمناشدة السياسيين والبيروقراطيين، الذين سيكون لديهم تسلية عظيمة عند القيام بتحديد من هم أصحاب المنازل أو المدن التي ستحصل على المساعدة المالية!
يعترف اوباما بان «هناك بعض المقترضين قاموا أيضا بالكذب للحصول على الرهونات أو للمشاركة في مضاربات غير مسئولة». فالمشكلة تكمن في انه ليس بمقدور أي فرد أن يميز بشكل سهل الكذابين والمضاربين من أصحاب المنازل البريئين».
كما يقوم اوباما أيضا بدعم قانون ينص على ترك قضاة الإفلاس ليقوموا بإعادة كتابة اتفاقيات الرهن وفق أهوائهم. وفي حال تمرير هذا القانون، فان من المتوقع أن يحدث ذعرا جماعيا نحو محاكم الإفلاس وذلك للإستفادة من هذه الفرصة.
فما الخلل الرئيس في كل ذلك؟ إن أي شيء يعمل على زيادة مخاطرة خسائر القروض سيزيد بشكل حتمي معدلات الفوائد. ولهذا السبب تقوم السندات الرديئة بدفع معدلات فوائد مرتفعة أعلى من سندات الخزينة طويلة الأجل. فلو تركنا الرهونات كي يعاد كتابتها من قبل أهواء القضاة، فإننا بذلك سنقوم بتحويل الرهونات إلى سندات رديئة، وبهذا سنعمل على زيادة معدلات فوائد الرهونات بشكل كبير.
أما هيلاري كلينتون فلديها نهجا أكبر يعتبر اشد قسوة. فهي ترغب أن يكون هناك تأجيل قانوني لسداد الدين بمدة 90 يوما بالنسبة لحجوزات الرهن العقاري. وبعد أن يتم إعطاء مستفيدين يتم انتقاؤهم مدة ثلاثة أشهر إضافية للعيش بأجرة مجانية، سيقوم هذا الإجراء بإسقاط تراكم هائل من طلبات لم يتم تنفيذها بعد لمنازل تم حبس رهنها في السوق في الحال، مع حدوث صخب مؤذٍ وخطير.
كما ترغب أيضا في إملاء «تجميد أتوماتيكي» على معدلات الفوائد التي يتم فرضها على الرهن العقاري ذي معدلات الفائدة القابلة للتعديل، بحيث يتم الإبقاء على معدلات فوائد لتكون دون المعدلات التعريفية في السوق وذلك لمدة «5 سنوات على الأقل، أو لغاية أن يتم تحويل الرهونات إلى قروض قابلة للتحمل».
ومرة أخرى، هناك ما يقارب من نصف حجوزات الرهن قد تمت على رهونات انبثقت بفعل هبوط أسعار المنازل وليس بفعل معدلات الفوائد المرتفعة. وحتى بالنسبة للرهن العقاري ذي معدلات الفائدة القابلة للتعديل، فان معدل الفائدة سيعاد ضبطه بعد سنتين بالاستناد إلى سعر الليبور لمدة سنة واحدة. وقد هبط ذلك المعدل إلى نسبة 2.8 في المئة، الأمر الذي يعني بأن المدفوعات الشهرية المتصاعدة التي تتم على رهونات عقارية ذات معدلات فائدة قابلة للتعديل ستكون أقل من نسبة 10 في المئة، وليس بنسبة 30 في المئة التي تدعي بها. ويكمن الخطر الحقيقي في أسعار المنازل عندما تهبط دون حجم القرض، إذ يقوم الكثيرون عندئذ بالخلاص من الرهن بصرف النظر عن معدل الفائدة.
وفي حال قيام الكونغرس الأميركي بالتصرف بشكل عشوائي تجاه تجميد معدلات فائدة الرهن كما ترغب كلينتون، فسوف يبدأ المقرضون بوقاية أنفسهم ضد المصادفة التي يتم بها قيام المشرعون بعمل الشيء ذاته مرة ثانية في يوم ما. ويعني ذلك انهم قد ينظرون إلى الرهونات باعتبارها استثمارات عالية المخاطر، وبناء عليه، سيجد المقترضون المستقبليون بأن الرهونات قد أصبحت شحيحة وغالية الثمن.
وقد فهم اوباما هذا الأمر. فهو يقول محذرا بأن «القيام بتجميد شامل مثلما تقترحه هيلاري سيدفع معدلات الفائدة نحو الذروة بالنسبة للأفراد الذين يحاولون الحصول على رهونات جديدة لشراء منازل أو لإعادة تمويلها».
وهذا هو عين الصواب، إلا أن اقتراحه بترك القضاة يقومون بخفض معدلات الفائدة وحجم القروض سيدفع معدلات الفائدة إلى الذروة، ولنفس السبب تماما!
ويكمن قلق اوباما الرئيسي في أن مسألة الحصول على رهونات للمنازل بالنسبة للعائلات من ذوي الدخل المتدني كانت تجري بمنتهى السهولة إلى درجة كبيرة. وهو يخطط أن يضع حدا بحيث يتم إيقاف ذلك من خلال: تهديد المقرضين بدفع الغرامات وبالسجن؛ وبترك القضاة يقومون بتمزيق العقود وإعادة كتابة عقود جديدة.
ومما يدعو إلى السخرية أن أحد الأسباب التي وصلنا إليها ضمن هذه الأزمة الدائرة حاليا هو أن واشنطن قد أمضت عقود السنوات القليلة الماضية في انتقاد وتغريم المقرضين بسبب عدم قيامهم بإقراض أرباب المنازل من ذوي الدخل المتدني الذين لديهم سجلات ائتمان رديئة، وهي ممارسة سميت باسم «ريد لايننغ» (امتناع المصارف عن إقراض طبقة معينة من العملاء). أما في الوقت الحالي، فيخطط اوباما إلى معاقبة المقرضين عن طريق محاكم جنائية ومحاكم إفلاس، بشكل قد يؤدي إلى إعادة تلك الممارسة من جديد!
إقرأ أيضا لـ "الن رينولدز"العدد 2059 - الجمعة 25 أبريل 2008م الموافق 18 ربيع الثاني 1429هـ