العدد 2055 - الإثنين 21 أبريل 2008م الموافق 14 ربيع الثاني 1429هـ

التجييش واستحلاب المغانم المؤجلة

جعفر الجمري jaffar.aljamri [at] alwasatnews.com

-

الذي يحب وطنه لا يجيِّش. من أي فريق كان. التجييش يسعى في ما يسعى إليه إلى «استحلاب» مغانم «مؤجلة» أو «معطلة»، وأكثر الظن أنها «معطلة».

تعطيل المغانم يعني - في ما يعنيه - تعطيل الأخذ بالدور والتأثير. ولتفعيل ذلك الدور والتأثير لابد من تجييش في صورة ما، وخصوصا إذا تحركَ في ضوء ممارسة ما خارج سياقها.

***

يمكن تلمُّس قدْر كبير من التزوير والتحوير في التعاطي مع الممارسات التي تتم خارج دائرة السياق الطبيعي لحراك الأمة في التعبير عن نفسها. الممارسات الفردية التي تحدث خارج مظلة الأخلاق والقناعات العامة للأم - تلك المتفق عليها - يتم التقاطها وتكون بمثابة «طاقة السعد» بحسب التعبير العامي المصري، من قبل المعطلَة مغانمهم، وتكون بمثابة قطب الرحى الذي تتمركز حوله مشروعات تلك المشروعات والمخططات ومخططاتها ومآلاتها.

***

المغانم المؤجلة تعني أن البيئة التي يتحرك فيها أصحابها من نفعيين ووصوليين وانتهازيين ومشعلي الحرائق الكبرى (يتعدى الأمر حرق إطار هنا أو دورية شرطة هناك) الحرائق الكبرى التي لن تميز - ولا يعنيها أن تميز - بين مؤذن «يرفع الأذان»، وسكِّير «يرفع» الكأس احتفالا أو احتفاء بمناسبة ما. لن تميز بين معدم خرج لتسلم معونته الاجتماعية، ومرتشٍ خرج للقبض من فوق الطاولة وتحتها!

أولئك لن يهدأ لهم بال ما لم يروا عقارب الساعة تعود إلى الوراء، إلى حيث أسسوا لواقع المغانم المفتوح على بؤس ومظالم تكاد تسد عين الشمس!

***

عودة إلى التجييش بصفته فعلا لا خطابا، وإن بدا خطابا هو في الصميم من الفعل والعنف - بالأثر الذي يتركه - وخصوصا إذا جاء تجييشا لإنقاذ المعطل من المغانم الخاصة وتحريكه. والأمة لا نصيب لها من التفكير في عودة تلك المغانم، بدليل الانسدادات الناشئة عن ذلك التجييش، انسدادات تبدأ بالبشر ولا تنتهي بالبيئة. ثمة احتقان تتولد منه انفجارات أشد ضررا وتخريبا من تلك الناتجة من زجاجة مولوتوف، أو «سلندر»، انفجارات تطول وتنال من الوعي والتاريخ والحاضر بحقائقه وشواهده، والمستقبل بمؤشراته ودلالاته.

ثمة من لن يطمئن على استحلاب المغانم ما لم يعمد إلى التاريخ ويحوّره، وإلى الحاضر فيستدرجه إلى مساحات معتمة تمكنه من السطو على كل شيء، وإلى المستقبل بفرض مؤشراته ودلالاته.

***

في التجييش الممنهج يتعطل حراك الدولة، أو بمعنى أدق تتم إعاقة حراكها. الدولة التي تعطي الضوء الأخضر لمجيشين كانوا يوما من نسيجها ويشكلون جزءا من حركتها تمارس نوعا من الانتحار، انتحار يمس قدرتها على رصد النتائج والمآلات التي يمكن أن تتسبب بإيصاد كل المنافذ القادرة على احتواء الأزمات الناشئة من ذلك النمط من التجييش.

***

لا تجييشَ يتدرَّع بالمغانم يمكنه أن يكون مشروع حل لأزمات الدولة والأمة. هو مشروع تفكيك للاثنين معا.

***

علينا التفريق هنا بين المغانم والمصالح. ففي الأولى ثمة نزوع إلى الاحتراب، ثمة ميل إلى اختلاق حروب ومواجهات للظفر بتلك المغانم. وفي الثانية ثمة نزوع لمراعاة تكافؤ - أو على الأقل هذا ما يجب أن يكون - محصلات العلاقة بين الأطراف.

***

بعض السياسيين والكتبة أكثر الكائنات قدرة على الاقناع بأن الحريق بيده إعادة الرشْد لخصوبة الأرض!

إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"

العدد 2055 - الإثنين 21 أبريل 2008م الموافق 14 ربيع الثاني 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً