العدد 2052 - الجمعة 18 أبريل 2008م الموافق 11 ربيع الثاني 1429هـ

أسباب خلو قوائم «الاتحاد» من المرأة

سكينة العكري comments [at] alwasatnews.com

حتى نكون منصفين أكثر ربما تكون المرأة لها ضلع في الموضوع وخصوصا مع مسلسل المضايقات والملاحقات التي تضررت منه نائب رئيس نقابة البريد الأخت نجية عبدالغفار، فالمرأة بطبيعتها تشعر بالخوف والقلق تجاه أي شيء يلاحق مستقبلها ويهدد أمنها واستقرارها، وهناك تلكؤ آخر نشهده لها في العمل التطوعي وهناك عزوف نسائي اجتماعي، ولكن لا أحد يعرف إلى الآن أسباب العزوف، تماما كاللغز الذي حير الكثير من العلماء والخبراء من سبقت الدجاجة أم البيضة؟

أظن أننا لو كانت لدينا كوادر نسائية قليلة ولكن مقدرة ولهن دور فاعل في المجتمع، وبقية النساء مراقبات ومتابعات للساحة ووجدن أن العاملات في الميدان لهن دور كبير ومقدرات، سيكون ذلك محفزا إيجابيا جيدا للبعض لخوض التجارب والعمل، ولكن ما نلحظه حاليا أن هناك أعدادا قليلة ووجوها مكررة، وأدوارا محدودة، ربما نحتاج للمرأة في الأوقات العصيبة والتي تحتاج إلى وقت محدود ونتائج حرجة كفترة الانتخابات واللجان النسائية وفرق العمل، ولكنها تكاد تنسى طوال الفترات المتبقية.

كان علينا معالجة تلك الأمور، وكان يجب أن يكون التنافس أكبر بين التيارات وقدرتها على جذب المرأة وتفعيل أدوارها والاستفادة من طاقاتها، بدلا من التنافس على عدد المقاعد وشغل المناصب. طاقات المرأة ستظل مستنفدة داخل أسرتها ومعطلة كل التعطيل في المجتمع، وطاقات الرجل ستنفد في يوم من الأيام مع عمله وأدواره في المجتمع وسيظل دوره غائبا في أسرته وتداعيات ذلك كبيرة لا يمكن الاستهانة بها. والمجتمع يحتاج إلى جهود كل أبنائه داخل الأسرة وخارجها، ويبقى التوازن أمرا مطلوبا شئنا أم أبينا. علينا أن نوازن الأمور وأن نرسم الأولويات بعناية تامة، بلا منغصات ولا حساسيات لا معنى لها.

كفانا استبدادا ومبالغات لا ذوق لها، لا يمكن أن يكون الرجل الأكفأ في كل المجالات والمرأة تظل الأقل كفاءة. ولا يمكن القول إن القدرة والإمكانية توجد فقط لدى الرجل وتنعدم أو تكون في أدنى مستوياتها لدى المرأة، فلدينا رجال إمكانياتهم جدا محدودة ويشغلون مناصب ومحترمون لكونهم رجالا، كلنا أبناء حواء وآدم، وكلنا خلقنا الله من دم ولحم ومشاعر.

عيب علينا عندما نتكلم عن استحقاق للمرأة نتعذر بأعذار غير مقنعة، فالمجتمع لن يعدم من وجود الرجل فهل هذا يعني انتهاء لدور المرأة؟ ولا نتوقع أن تكون لدينا نقابيات محترفات ومحنكات بلا تجارب عملية، والتجارب لا يمكن حصدها إلا بإعطاء الفرصة. لابد من تنظيم أنفسنا بشكل مقنع. هل من المعقول أن تعطى تلك المهمات والمسئوليات للرجل في ظل وجود نساء راغبات في العمل وقادرات على القيام بواجباتهن؟

رئاسة لجنة المرأة العاملة وشئون الطفل بالاتحاد على سبيل المثال لها أدوار ومهمات لصيقة بالمرأة فهل نصر على إعطائها الرجل؟ وفيما يلي أوجزها: العمل على إدماج المرأة العاملة داخل النشاط النقابي عبر دعم نشاط لجنة المرأة العاملة؛ تنظيم ندوات ودورات في مجال المرأة العاملة بالتنسيق مع قسم الثقافة العمالية والتدريب؛ العمل بالتنسيق مع الاتحاد النسائي والجمعيات النسائية والأهلية فيما يتعلق بشئون المرأة العمالية وشئون الطفل؛ متابعة أعمال ممثلي الاتحاد للهياكل النقابية المعنية بشئون المرأة العاملة ومناهضة عمالة الأطفال.

تلك المهمات تم اقتباسها من النظام الأساسي للاتحاد، ألم يتأمل واضعو المهمات أن تلك المهمات والمسئوليات مصاغة بحيث تتم متابعتها وتنفيذها من قبل المرأة وبالتالي وجب التنقيب عنها مسبقا، أو البحث عن النقابيات العاملات في الساحة والعمل على تمكينهن، لكونهن لم يمارسن العمل النقابي من أوسع الأبواب لكونهن خارج الاتحاد، أم أن الاتحاد أصبح قاصرا فقط على رواده؟ فالرواد أصبحوا كذلك لكونهم أعطوا الفرصة، ومن حق غيرهم أن يعطوا أيضا الفرصة. لا يمكن التنبؤ بالنجاح والفشل مسبقا، فالفشل محكوم بظروف والنجاح محكوم بظروف أخرى، والتجربة خير برهان.

وأعتقد ولعليّ أكون مخطئة في التحليل، أن القدرة على إدماج المرأة العاملة داخل النشاط النقابي سيكون محكوما عليه بالفشل إذا فشلنا أصلا في إيجاد الكوادر النسائية التي تدير العمل النقابي داخل الاتحاد، والعكس صحيح طبعا ونتائجه تأتي بشكل طبيعي. بقى أن نؤكد هل نريد لاتحادنا أن يكون نصوصا منمقة ومكتوبة على ورق؟ أو أن يكون له حراك حقيقي وواقعي؟

علينا إذا أن نعيد النظر في الكثير من الأمور وأن نبحث من جديد في العوامل الإيجابية وأن نضع الأمور في نصابها ونجدد في آلياتنا. ليس من المعقول أن نفكر أن نطور من أنفسنا بعد أربع سنوات من التجربة نكون قد ضيعنا على أنفسنا الكثير من الفرص وخسرنا الكثير من الإيجابيات. الحكومة قد سجلت علينا الكثير من الأهداف بهذا الصدد ومازلنا نحن نراوح مكاننا بلا جديد، والأسباب التي نتكلم عنها صارت بلا معنى.

توقعت أن كلا من «الوفاق» و «وعد» و«المنبر التقدمي» أن يكون هناك تنافس جاد بينهم على إدخال المرأة، وفوتوا على أنفسهم فرصة التميز. كان من الأولى أن تتبارى في الدفع بنساء في الاتحاد، ولكن للأسف ظل المشهد بخلاف التوقعات وتمنيت أن يكون للوفاق دور الريادة، ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه... تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن.

إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"

العدد 2052 - الجمعة 18 أبريل 2008م الموافق 11 ربيع الثاني 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً