أعلنت الشركتان الأميركيتان للطيران «دلتا ايرلاينز» و»نورثوست ايرلاينز» أنهما عقدتا اتفاق اندماج بـ 5 مليارات دولار، وستفسح هذه الخطوة المجال أمام نشوء أكبر شركة طيران في العالم. وستحمل الشركة الجديدة اسم دلتا وستصل عائداتها السنوية الى 35 مليار دولار وسيكون عدد موظفيها نحو 75 ألفا.
ويقول المحللون إن هذه الخطوة ستجعل الكثير من الشركات تفكر في عقد اتفاقات اندماج وذلك بسبب ارتفاع أسعار النفط.
وتأتي هذه الخطوة بعد مضي أقل من عامين على إعلان كلتا الشركتين «دلتا» و»نورثويست» أنهما تكبدتا كلفة إضافية بسبب إعادة هيكلة إدارتهما، لمواجهة المنافسة من شركات طيران اقتصادية مثل خطوط طيران «ساوثويست» و»غتبلو».
حينها أكد كبير الخبراء العاملين في مؤسسة «جي بي مورغان» (JP Morgan) جيمي بايكر، أن إشهار الإفلاس لن يشكل أية مفاجأة لخطوط «دلتا» التي تكبدت خسائر بلغت 10 مليارات دولار منذ يناير / كانون الثاني 2001. كذلك شكل الإعصار «كاترينا» صفعة موجعة لخطوط «دلتا» بسبب تمركز هذه الشركة في جنوب البلاد المتضررة من الإعصار المدمّر.
ومن المعروف أيضا أن الأزمات، التي واجهها الاقتصاد الدولي في أعقاب أحداث سبتمبر/أيلول 2001، شكلت تحديات مصيرية لمعظم شركات الطيران في العالم، ودفعت هذه النكسات عددا كبيرا من الشركات إلى إعلان إفلاسها أو اللجوء إلى الاندماجات الكبرى كما حدث مع شركتي «دلتا» و»نورثوست». وتتوقع بعض المصادر أن يقف قانون الاحتكار عائقا يعترض طريق الصفقة على المستوى القانوني، لكن المدير التنفيذي لـ»نورثويست» استبعد ذلك، مبديا «ثقته» بأن الصفقة ستحظى بالموافقة المطلوبة.
تنبع أهمية هذا الاندماج عند قراءته في ضوء ارتفاع أرباح شركات الطيران في العالم للعام 2007 إلى 5,6 مليارات دولار مقارنة بـ 1,5 مليار دولار في العام الذي سبقه، وتحذيرات المنظمة الدولية للنقل الجوي (أياتا) على لسان رئيسها التنفيذي للمنظمة جيوفاني بيسيغناني كما ورد في صحيفة «الحياة» اللندنية عن «قلق الاتحاد من استمرار ارتفاع أسعار النفط المواكبة للتغير الكبير في أسواق الائتمان للعام 2008 على رغم التفاؤل في 2007».
وتقع منطقة الشرق الأوسط في القلب من هذا النظام بحكم موقعها الإستراتيجي، الأمر الذي يجعل منها إحدى الأسواق الإقليمية الرئيسية المهمة في ذلك النظام، وهو ما تؤكده أرقام الاتحاد الدولي للنقل الجوي أيضا، إذ تتوقع «إياتا» أن تحقق شركات الطيران في الشرق الأوسط أرباحا تبلغ 300 مليون دولار في العام 2008 بزيادة 50 في المئة عن أرباح العام 2007 بفضل نمو الطلب على السفر وإضافة مسارات جديدة، كما يرى الاتحاد أن شركات الطيران في الشرق الأوسط ضاعفت نصيبها من سعة نقل الركاب في الرحلات العالمية إلى نحو 8 في المئة في السنوات الثلاث حتى العام 2006.
ويؤكد نائب رئيس مجلس إدارة الاتحاد لمنطقة الشرق الأوسط مجدي صبري في مقابلة مع وكالة «بترا» الأردنية للأنباء أن هذا الرقم يشير إلى النمو السريع لصناعة النقل الجوي في المنطقة لمواجهة المعدلات المرتفعة لنمو اقتصادات المنطقة الغنية بالنفط.
وقال صبري: «استجابة للنمو السريع في المنطقة فإن شركات الطيران وخصوصا المملوكة للدول وضعت برامج طموحة لتوسيع أساطيلها وبناء مطارات جديدة وتوسيع المطارات القائمة».
وقدر صبري كلفة مشروعات بناء مطارات جديدة وتوسيع المطارات القائمة في المنطقة العربية بنحو 46 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة منها مشروعات مطارات في الإمارات العربية المتحدة بقيمة 22 مليار دولار.
هذه الصورة المشرقة عربيا، المظلمة عالميا، تثير سؤالا في غاية الأهمية، لماذا تصر شركات الطيران العربية على التشظي، في وقت تبحث شركات طيران عالمية أخرى مثل دلتا ونورثوست على الاندماج، على رغم تردي الأوضاع عندهم، وازدهارها في منطقتنا؟
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 2051 - الخميس 17 أبريل 2008م الموافق 10 ربيع الثاني 1429هـ