جاء توجيه رئيس الوزراء سمو الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة رجل الدولة صاحب الرؤية الوطنية ثاقبة حينما تحسس أن تلك المنتديات والمواقع لا تمثل أخلاق شعب البحرين.
الكرة الآن في ملعب وزارة الإعلام. فالتوجيه الذي صدر عن رئيس الحكومة لابد من تطبيقه بحذافيره، وعلى الوزارة ألا تأخذها في تطبيق القانون لومة لائم، سواء كان هذا اللائم طائفيا أو صاحب مصلحة أو غيرهما؛ إذ القلوب بلغت الحناجر من أفعال الطائفيين وكتاباتهم، تلك الكتابات التي تشير إلى أخلاق الطائفيين الذميمة، والذين لا يخفى على أحد التمويل الذي يحصلون عليه!
عاش الأجداد والآباء هنا على أرض البحرين دهورا، وهذا ليس كلام مجاملات، كما يشير أحد الزملاء الأعزاء، لا والله. وإن كان هو يجامل فذاك وشأنه، أما نحن فمازلنا في المحرق تحديدا أو غيرها نربي أبناءنا على أن السني أخٌ للشيعي في الوطن، وجميعهم أبناء وطن واحد، وأن أي أمر قد يحدث في هذا البلد لن يوفر أمنا لأي طائفة كانت.
وللتو أعلن أحد الأبناء كلماتٍ تحمل نبرة طائفية، قائلا هذا شيعي. قلت له: ما دخلك أنت في أن يكون شيعيا أو سنيا أو خلاف ذلك؟ وأردفت قائلا: من أين أتيت بهذه الكلمات أصلا؟ هل سمعتني أخوض يوما من الأيام في عقائد الناس وأعراقهم؟ قال لا. قلت: احذر أن أسمعك مرة أخرى تكرر تلك الكلمة فإن كنت فاعلا كذا فإن العقاب الشديد سينزل على رأسك. كذلك قلت له: إياك والتحدث عن أصول الناس وعقائدهم وأعراقهم ومن أين أتوا (عربا أو عجما)؛ فالذي خلقك هو ذاته - سبحانه وتعالى - خلقهم. أرأيت لو أنك مكان الواحد منهم هل تقبل بأن يحقر أو يهين دينك أو مذهبك أو انتماءك أحدٌ من الناس؟ قال: لا. قلت: وكذلك الناس لا يحبونه لهم أو لأهلهم. وعليك أن تسعى لخير الناس، جميع الناس. هل تضيق الجنة، التي عرضها السموات والأرض، إن دخلها غيرك من البشر؟ قال: لا. قلت له: إذا لا تكرر ذلك. ثم ألا ترى أن الطبيب والمدرس والمحامي وعمال البلدية وغيرهم... يمارسون مهام عملهم دون ما يسألوا عن أصلك وفصلك ودينك ومذهبك، وبالتالي هم يخدمون جميع الناس؟ هل تريد أن تعادي كل هؤلاء وتحمل لهم ضغينة على رغم أنهم يقدمون لك خدمات، وبعضهم قد ينقذك من خطر محدق أو يقدم لك خدمة مقدما إياك على نفسه؟
زبدة الكلام إن التربية في البيت إن لم تعاضدها تربية على الأخلاق الحميدة في المدرسة والمجتمع، وبالتالي قيام الدولة بكامل واجبها تجاه تعزيز المواطنة فإن ذلك ينذر بسني شؤم على هذه البلاد.
أتساءل ومعي آخرون: ألم يقنط الطائفيون من الوصول إلى أهدافهم في إحراق البلد بسنته وشيعته؟ ألم يئن لهم أن يعودوا إلى رشدهم؟ نأمل أن تنجح الحكومة البحرينية في تجفيف منابع الطائفية (منتديات، كتب، أقراص ممغنطة (سي دي)، تقارير ورسائل سب وقذف وتحقير وتفسيق وتكفير طوائف بكاملها... إلخ). إن استطاعت الحكومة فعل ذلك تكن قد حققت هدفا أسمى بكثير من أي هدف آخر. ومهما كان من أمر مضى، فإن مستقبل البحرين مرهون بضمان المحافظة على اللحمة الوطنية، ولذلك علينا جميعا الوقوف صفا واحدا في الجبهة الداخلية خلف توجه الحكومة البحرينية في هذا الاتجاه الوطني.
إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"العدد 2050 - الأربعاء 16 أبريل 2008م الموافق 09 ربيع الثاني 1429هـ