العدد 205 - السبت 29 مارس 2003م الموافق 25 محرم 1424هـ

رامسفيلد المصدوم!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

«ألا انهم أرعدوا وأبرقوا، ومع هذين الأمرين الفشل»، هذه كلمة مقتطفة من أجواء حرب الجمل، ترد على الذهن عند متابعة الإعداد الأميركي للحرب الظالمة على العراق، وما تلاه من صدمة خربطت حسابات دهاقنة البيت الأبيض. وهو إعداد لعبت فيه الآلة الإعلامية دورا بارزا لإرهاب المنطقة كلها، وليس العراق وحده، قبل ان تطلق الصواريخ الأولى على بغداد. ولكن لم تمض غير أيام قليلة حتى وجد الحليفان الأميركي والبريطاني نفسيهما في وضع حرج، وهو ما تعكسه تصريحات وزير الدفاع الأميركي بالذات في اليومين الاخيرين، فمن يسمع هذه التصريحات يقف على نفسية رجل مصدوم!

هذه الصدمة عملية طبيعية نظرا إلى ما واجهه مشروع، الذي أثبتت الأيام الأولى من الحرب انها كانت مبنية على حسابات خاطئة أقرب إلى التمنيات، والتمنيات لا تكفل وحدها النصر.

في البداية ونظرا إلى الصدمة التي مني بها الأميركيون، أخذوا يبحثون عن سبب يبرر المقاومة، وكأن عمليات الغزو واحتلال البلدان لسرقة ثرواتها أمر بديهي يفترض أن تستقبله الشعوب الأخرى بالترحاب والورود! ولأنهم لم يفهموا أن للشعوب كرامتها وعزتها... فإنهم أخذوا يبحثون عن سبب الصمود المجهول. وأول ما تبادر إلى أذهانهم هو الروس، فلابد أنهم زودوا العراق بأنظمة تشويش متقدمة ضللت صواريخهم «الذكية»!

وعندما لم يجدوا ما يثبت هذه الدعوى توجهوا إلى سورية، باتهامها بإرسال معدات عسكرية إلى العراق، وانها ستحاسب على موقفها هذا! ولو افترضنا صحة هذه الدعوى فإن من المتيقن انها لم تكن السبب في صمود العراقيين!

بعدها تحول نظر رامسفيلد إلى إيران. في البداية كانت الرغبة الأميركية بأن تقف ايران على الحياد، وهو موقف تلاقيه رغبة إيرانية في الاتجاه ذاته، فهي «حرب الآخرين»، و«ليس لنا ناقة فيها ولا جمل». ولذلك التزمت ايران بموقف الحياد.

ومع وضوح هذا الموقف للساسة الأميركيين، فإن «ايران» تعود إلى الذاكرة الاميركية مرة أخرى، ولابد بالتالي من تهديدها بدعوى السماح بدخول العناصر المؤيدة لها إلى العراق، وانها ستعتبرهم خصوما في أي قتال. وليس من المستغرب أن نسمع في الأيام المقبلة تهديدات يطلقها هذا الوزير «العبقري» موجهة إلى كوريا الشمالية وكوبا وليبيا و.... انتهاء بالهنود الحمر وقبائل الماوماو وملك النيبال!

الرجل مصدوم، وبدل البحث عن أسباب فشل الحملة الأميركية التي شارك في هندستها ووضع خططها، نراه يبحث عن كبش فداء يضع عليه أخطاءه! المهم ألا يشك أحد بانه جاء بهذه الجحافل الجرارة لإنقاذ الشعب العراقي المضطهد، في بداية حملة فريدة في التاريخ، لم يتحرج من تسويقها والترويج لها طويلا باسم نشر الديمقراطية في الدول الغارقة في الظلام؟!!

قاسم حسين

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 205 - السبت 29 مارس 2003م الموافق 25 محرم 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً