استغرب الكثيرون ممن تابعوا الحوارات النقابية العمالية التي تنظمها الأمانة العامة من طرح تمثيل النقابات القطاعية في المؤتمر العام للاتحاد بدلا عن نقابات المؤسسات. والحقيقة أننا وعلى رغم قناعتنا بأهمية الدور الذي يمكن أن تلعبه النقابات القطاعية ومدى قوتها المؤثرة في الدفاع عن مصالح العمال وتحقيق تطلعاتهم وتفعيل مشاركتهم الإيجابية في الحراك المجتمعي والسياسي, فإننا نعجب من هكذا قرار أو توصية في مثل هذا الوقت والتي تتجاهل تقاعس الاتحاد والأمانة العامة والحركة النقابية عموما عن بذل الجهد المطلوب في اتجاه خلق النقابات القطاعية وتفعيل دور هذه النقابات منذ المؤتمر الأول. بل وتجاهل القائمين على الحركة النقابية كل الآراء والطروحات التي قدمت للجنة التحضيرية قبل المؤتمر السابق أو بعد ذلك في الاجتماعات واللقاءات والندوات التي نظمتها الأمانة العامة أو الاتحاد.
ما يجب أن يعيه ويفهمه القائمون على الحركة النقابية العمالية أن الآليات الفعالة لبناء قاعدة نقابية قوية ومواجهة التحديات التي تواجه الحركة النقابية يتم ويتحقق عبر التثقيف النقابي ورفع مستوى الوعي النقابي وبناء قاعدة عمالية سليمة والعمل الجاد والفعل المثمر لتحقيق مصالح قاعدتهم العمالية وإقناع القاعدة العمالية بالحلول التي يمكن أن تحقق مصالحها وتحديد طبيعة الآليات التي يمكن استخدامها لمواجهة التحديات المستقبلية, وليس عبر اتخاذ القرارات والتوصيات الفوقية والتي لا يمكن للقاعدة العمالية استيعاب جدواها أو الشعور والإحساس بمشاركتها في هذه التوصيات والقرارات.
وهنا سأتفق مع وجهه النظر التي طرحها الأخ إبراهيم محمد في مقاله المنشور في صحيفة «الأيام» بتاريخ 8 أبريل/ نيسان 2008, ليس من منطلق مناكفته لتصريحات ومقالات أعضاء الأمانة العامة وليس من منطلق فهمه للتعددية كحق أريد به باطل وكان للدول والأنظمة الرأسمالية سبق الطرح والتبني لهذا المفهوم وتحويله إلى
أحد العهود والاتفاقيات الدولية لمنظمات الأمم المتحدة, وإنما من منطلق وجهة نظره الصائبة في أن خطر التعددية النقابية ومواجهة تفتيت الحركة النقابية العمالية في البحرين يأتي من خلال «وعي العمال بهذه المسألة, أي وعيهم بمصالحهم العمالية والنقابية وحقوقهم المشروعة, والابتعاد عن السموم والمشروعات الطائفية وانتخابهم القيادات النقابية الشريفة والمدافعة والتي خبرتها التجربة بمواقفهم المبدئية في النزاعات العمالية». وسنضيف إليهما, اختيارهم للقيادات أو الكادر النقابي على أساس من الكفاءة والقدرة على العطاء وتبني مصالح قاعدتهم النقابية والدفاع عنها وليس على أساس حصص يجري توزيعها في الغرف المغلقة تدعى في ظاهرها تمكين ما سمي «بالقوى الفاعلة» - دون تعريفه هذه القوى - من مزاولة أنشطتها النقابية ضمن الحركة النقابية العمالية، بينما هي في واقع الأمر توزيع لحصص مبنية على وعي وخلفية طائفية أو حزبية أو استحقاقات شخصية.
وهنا لابد من الإشارة إلى التناقض الواضح والفاضح الذي طرحه الأخ علي مجيد في مقاله الأخير بعنوان «الوفد الحكومي» في الزميلة «الأيام» بتاريخ 10 أبريل 2008, والذي أشار فيه إلى المحاصصة في انتخابات الأمانة العامة, فبينما هو يطالب بمعيار الكفاءة في اختيار القيادات النقابية يقر ويعترف بالمحاصصة التي قد تكون ما اتفق عليه في الغرف المغلقة وقد تكون إحدى القوائم التي يتم تداولها في الساحة النقابية العمالية.... عجبي.
وقد يتساءل البعض: ما الذي يقلقكم فالتوصيات والقرارات يتم اتخاذها ضمن آليات مؤسسات الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين؟ والحقيقة أن ما يقلقنا كمهمتين بالشأن العام هو الأخبار التي تتسرب عن اجتماعات الغرف المغلقة، وأشير هنا إلى ما نشرته الكثير من الصحف المحلية عن ما تسرب من سيناريوهات انتخابات اتحاد العمال ومن مفاوضات لا يمكن أن يقنعنا أحد بأنها تجري على مستوى مؤسسات الاتحاد بشكل ديمقراطي وشفافية تامة. وإلا فما معنى أن يبحث المجتمعون أو المتحاورون عن حل بديل لموقع شرفي للأمين العام السابق وهو الذي أثبتت التجارب سواء على مستوى الأمانة العامة أو على مستوى نقابة بابكو، أنه لم يكن اختيارا موفقا في الدورة السابقة, وحتما لن يكون اختيارا موفقا للدورة القادمة للاتحاد وأمانته العامة.
إقرأ أيضا لـ "عبدالمنعـم الشـيراوي"العدد 2046 - السبت 12 أبريل 2008م الموافق 05 ربيع الثاني 1429هـ