للتو أدرك الإخوة في المحرق ممن ينتسبون إلى بعض الجمعيات التي اتهمناها باقتصار تكوينها على طيف واحد - أي أن أفرادها من ذوي الانتماء إلى طائفة واحدة - أن المحرق تشكل استثناء في مختلف الظروف والأحوال، أي لا ينجح أي عمل شعبي يقوم على إقصاء طائفة بأسرها من المشاركة فيه. ولعل هذا ما يميز المحرق من قديم وليس في الوقت الحاضر فقط.
وكنت قد كتبت معاتبا البعض من الإخوة في الجمعيات السياسية القائمة على طيف مذهبي واحد أو الإخوة من المنتمين إلى الحركات السياسية المختلطة. وكان هذا العتاب - وإن كان قاسيا -عتاب الأحباب للأحباب، ولعلمي أن أي تحرك لا يشمل السنة والشيعة يحبط سياسيا، وغير مثمر اجتماعيا.
الاختلاف في أي أمر لا يتعدى كونه خلافا في توجه سياسي معين، ووجهة نظر سياسية معينة. ولا يعني الاختلاف مع الإخوة في تلك الحركات والجمعيات السياسية اختلاف الأعداء، أي خلاف سن السنان وإبراز الرماح والفروسية وحز الرقاب! هو خلاف سياسي له ما يسوّغه لدى كل طرف من الأطراف السياسية المختلفة.
هذا الاختلاف بحد ذاته طبيعة بشرية، إذ تتفاوت البيئات والأفهام والعقليات وبالتالي ينتج خلاف، بشرط أن يؤمن كل طرف بحق الآخر في الاختلاف معه. ومما جرى على هذا النحو هو مكالمة الأخ عيسى سيار ومواجهة الأخ أحمد الجزاف لي حينما كتبت معلقا على الأراضي التي وهبها الملك لنادي المحرق لإقامة مجمع تجاري وللبلدية لإقامة ممشى ومتنفس للأهالي.
الإخوة في اللجنة لهم مني كل التقدير، وليس ملائما لي ولا لغيري أن يبخس الناس أشياءهم، إلا أن الموضوع له عدة وجوه وزوايا. إحدى هذه الزوايا أنني غير مؤمن بأن يكون هناك اعتصام ضد مجلس المحرق البلدي من أجل قطعة أرض صغيرة نسبيا، فيما يتناسى أو يتغافل أراضي كبيرة جدا جدا! ناهيك عن اختلافي مع الأسلوب الذي تكتب به البيانات. فتارة تتهم اللجنة رئيس مجلس بلدي بأنه فاقد للشرعية والأهلية... إلخ من اتهامات، ومن ثم تطلب اللجنة أن تجتمع مع رئيس المجلس البلدي بصفته الرسمية!
لعل في هذه المدلهمة التي تجري فصولها في المحرق نستشف دروسا وعبرا غاية في الأهمية، وهي إن الإخوة في تلك اللجنة وغالبيتها من المنتمين إلى حركة عدالة وجمعية المحرق الأهلية قد اقتنعوا بضرورة العمل الوطني وإشراك الإخوة الشيعة في أي نشاط يهدف إلى الصالح العام في المحرق أو غيرها من مناطق مختلفة. وهذا بحد ذاته يمثل نقلة وطنية لعدالة والمحرق الأهلية! وإلى مزيد من النقلات الوطنية النوعية في بقية الحركات والتنظيمات السياسية البحرينية.
إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"العدد 2043 - الأربعاء 09 أبريل 2008م الموافق 02 ربيع الثاني 1429هـ