لا تكاد أية فعالية ثقافية تخلو من التفاف المثقفين حول بعضهم بعضا في حلقات نقاش، ولا تخلو هذه اللقاءات أبدا من تعبير صريح عن حال من عدم الرضا، حال من التبرم من الوضع المزري الذي ترزح تحته مختلف المجالات الثقافية، لا السينمائيون راضون عن وضع السينما، ولا المسرحيون متفائلون بمستقبل الفن الرابع، ولا الأدباء سعيدون بحال الكتّاب، ولا حتى الشعراء مغتبطون بأمسياتهم الشعرية. أما عن الموسيقى فحدث ولا حرج، فكل واحد يسعى إلى الظهور في مظهر المغلوب على أمره، العاجز عن مجاراة الواقع المريع للموسيقى.
حال من عدم الرضا، لا تقتصر على فئة دون أخرى، ومشهد يتكرر مع كل فعالية ثقافية.
لا يمكننا بأي حال من الأحوال أن نحكم على مثل هذه اللقاءات بالتفاهة وانعدام الجدوى، فهي تعتبر فرصة مثالية يبث فيها كل مبدع همومه، وخصوصا أنها عادة ما تتم بحضور نقاد ممن يعتز بقراءاتهم النقدية الثقافية.
أين الإشكال إذن؟ الإشكال أن الحديث في الزوايا الضيقة لا يطرح حلولا ولا يقدم خططا للخروج من حال التشكي الدائمة، وهو ما يحصل الآن.
فكأننا بالمبدع العربي مهما كان اختصاصه تعوّد التباكي فلا يجد بديلا له، وعوض أن يبحث عن حلول يكتفي بمجرد بث الشكوى، الكلام كثير ولا نتائج ترجى، تسمع جعجعة ولا ترى طحينا.
من المفترض أن تتولد لقاءات المثقفين عن نتائج فاعلة على المستوى الثقافي بحيث تنتزع المجالات الثقافية من حال الكآبة التي تعانيها، لكن واقع الحال أن هؤلاء الذين دائما ما يشتكون من الاضطهاد وعدم الالتفات إليهم، سريعا ما تتغير مواقفهم فتراهم بعد أن تنتهي لحظات التباكي، ينسلخون ليجاملوا هذا المسئول أو ذاك ويشكروه على ما يقدمه من مجهود لدعم الثقافة!
العدد 2043 - الأربعاء 09 أبريل 2008م الموافق 02 ربيع الثاني 1429هـ