لم يهدأ الغضب الذي اجتاح معظم الدول الإسلامية في العالم إبان نشر رسوم كاريكاتيرية مسيئة للرسول الكريم (ص)، لتنتقل حمى ذلك الغضب إلى بعض المنتديات بعد نشرها فيديو للشخصية الكارتونية «باباي» وهو يقرأ القرآن الكريم في محاولة للاستهزاء والسخرية بقدسية كلام الله... وأخيرا انتشار الفيلم الهولندي «فتنة» الذي يهدف إلى الإساءة للإسلام والقرآن بشكل صريح ومن دون رادع... وقبل كل هذا كانت استضافة إحدى المذيعات السعوديات في برنامج «أوبرا» التي تعرضت للعنف الأسري، إذ ختم البرنامج حلقته بعد حوار استفزازي بجملة تقول «الحمد للرب بأننا لسنا عربا مسلمين ونعيش في أميركا».

وسط الشجب والاستنكار وتدشين سلسلة من الاعتصامات وإطلاق البيانات والتنديدات وتعالي الأصوات المهددة والمتوعدة بالمسيئين للدين والقرآن، زادت حدة تلك الإساءات وتضاعفت وطأتها وطالت أدق التفاصيل في حياتنا، فلم يعد من المستغرب أن تشهد مسلما يرتدي قميصا وقد كتبت عليه عبارة مسيئة للإسلام من دون وعي منه... وحذاء حفر أسفله اسم الله عز وجل، ولعل السبب في تمادي المسيئين لا يبعد عن أمرين: أولهما ضعف الصوت العربي المسلم وتعاليه فقط في الشجب والاستنكار، فضلا عن تقديمه بقصد أو من دون قصد مادة دسمة على «طبق من فضة» إلى من تسوّل له نفسه الإساءة للإسلام، من خلال المتطرفين الذين يحملون لواء الإسلام ويدعون الالتزام الظاهري ويخفون ضعفا ومضمونا لا يمت لمبادئ الإسلام وتعاليمه السامية بصلة.

والأمر الثاني لا يبعد عن كون الإعلام العربي على رغم ما وصل إلأيه من حرية تعبير وأريحية في التعاطي مع قضايا الشارع، ولاسيما الشائكة منها، مازال يفتقر إلى تلك الحنكة الإعلامية في استخدام سلاح الإعلام في الرد على تلك الإساءات! فكفانا شجبا فأوراق بياناتنا المستنكرة لم تعد تجدي نفعا.