العدد 2042 - الثلثاء 08 أبريل 2008م الموافق 01 ربيع الثاني 1429هـ

الكلام الكثير دليل الفقر!

كالعادة، وبعد مغادرة العمل كل يوم ولمواجهة ملل الطريق وزحمته، فإنك دائما ما تأخذ بالبحث عن محطة إذاعية تعرض ما يسليك ويثير اهتمامك... أنا من هؤلاء الأشخاص الذين يبحثون عن محطة إذاعية لا لتسليني فقط، بل لتجعلني انتبه إلى الطريق، لأنه وفي العادة أكون مصابة بالنعاس ورأسي يصبح ثقيلا، لذلك فقد لا انتبه إلى ما يحدث في الطريق، ولكن لتلافي الحوادث (لا سمح الله)، دائما ما أقف عند محطة «...» على الـ «أف أم» (ليست بحرينية).

الغريب أنني دائما ما أسمع عبر هذه المحطة الإذاعية مذيعات تختلف أصواتهن، ولكن بينهن صفة مشتركة، وهي «كثرة الكلام» وبالعامية «هدارات»... الله يعينهن على ذلك فهن دائما بحاجة إلى عسل وبيضة حتى لا تبيح أصواتهن.

هن يتكلمن بسرعة عالية، أي يطلقن 100 كلمة في الدقيقة (أبالغ)، لكنهن فعلا يتكلمن كثيرا، وربما يكون أحد أهم أسباب «هدرتهن» هي أنهن يتواصلن مع الناس عبر الـSMS وهذا يتطلب منهن عرض جميع الرسائل الواردة إليهن، حتى يرضين أكبر شريحة من الناس، أو لربما أن أحد أهم ميزات مذيعات الإذاعة أن يكن «كثيرات الكلام» ويستطعن أن يدخلن من موضوع ويخرجن منه بسهولة من دون أن يلاحظ المستمعون.

على تلك المحطة - وعلى غيرها من المحطات - إذ توقفت عندها، ألاحظ دائما أن مذيعيها ومذيعاتها، هم كثيرو الكلام (أنا أقصد هنا البرامج المنوعة، وليس البرامج الاقتصادية أو السياسية أو الدينية)، إلى درجة أنك لو دققت في كل الكلام الذي يقولونه لوجدت أنه بلا معنى في بعض الأحيان، أو قد يكون سخيفا لا داعي لطرحه... ليس الكلام فقط هو ما يلفت انتباهك في تلك المحطات الإذاعية، بل حتى أسئلة المسابقات، إذ إن بها ما يستغبي المستمعين، فخذ على سبيل المثال سؤالا طرح في أحد تلك البرامج يقول: ست أخوات لديهن أخ واحد، فكم عدد أفراد الأسرة علما أن الأم والأب على قيد الحياة؟!

السؤال غبي... وربما يكون أغبى من الغباء... جميعنا يعي أن هناك مذيعة ومذيعين ساذجين يطرحون عليك أسئلة غاية في السذاجة بحجة الترفيه عن المشاهد أو المتسابق من دون تحميله أعباء التفكير، وهذه بحد ذاتها مشكلة ثقافية، إذا كانت برامج المسابقات في السنوات السابقة تسعى إلى الرقي بمعلومات المشاهدين من خلال تقديم أسئلة ذات طابع فكري وثقافي، حاليا المشاهد العربي أمام مأزق حقيقي في ظل هذا الكم الهائل من الأعمال المنحدرة التي لا ترتقي إلى مستوى الطموحات!

المذيعات في هذه البرامج لا يمتلكن إلا عنصر «اللغو والهدرة» لكي يتم ضمان نجاح هذا البرناج وتحقيق أعلى نسبة من المستمعين. نظرة شاملة إلى هذه البرامج التي ربما تكون ضمن الإطار الكوميدي الساذج، تكشف حقيقة مؤلمة: أن الجانب التجاري أصبح هو السائد في أعمال المسابقات بالدرجة الأولى، وكذلك العجز في اختيار الموضوعات هو ما تلحظه دائما.

العدد 2042 - الثلثاء 08 أبريل 2008م الموافق 01 ربيع الثاني 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً