كتبتُ في أكثر من مقال وتحدّثتُ في غير مقام عن تحوّل «بعض» مراكز تحفيظ القرآن الكريم ومقار الدعوة إلى الله والجمعيات الخيرية الإسلامية من مقاصدها النبيلة التي قامت من أجلها إلى مصادر تمويل لا نعرف أوجه صرفها وإنفاقها.
بادئ ذي بدء، أودّ أن أفنّد بعض ردود الإخوة على أنني تهجّمت على أحد المراكز دون غيرها. ومن واقع تجربتي المتواضعة فأنني لا أكتب عن أمر، خصوصا إنْ تعلّق بأشخاص إلا وأنني متيّقن من دقة المعلومات وصحتها، وبما توافر لديّ من معلومات صحيحة ودقيقة، وبما وجدته من تراخ من قبل الجهات المعنية بتنفيذ القانون وفرض الرقابة الفاعلة، دونما تضييق على هذه المراكز والمقار، فإنني كتبت تلك المقالات. وفي هذا الباب أطرح سؤالا خفيفا لا يتعلّق بإنفاق أموال كبيرة، إلا أنّه دليلٌ على صحة ودقة النقول في هذا الجانب، وهو كتيّبات السب والقذف والتبديع والتفسيق التي تصدرها تلك المراكز، وبالطبع غير الممهورة باسم المركز وإنما كل ذي عقل ولب يعرف إنها صادرة من تلك المراكز، والتي تتضمن وصف بعض الخطباء والعلماء والمفكرين بأنهم «خوارج وكفّار وفاسقين ومبتدعين»! وقالت فيهم ما لم يقله مالك (ر) في الخمر. في حين هو ذاته الذي قام بجمع وسرقة تلك العبارات والفتاوى يذهب إلى الدول المجاورة؛ ليشحذ (شحات باللجهة العامية المصرية) من هؤلاء الخطباء أموالا بدعوى إنها للعلم الشرعي! وحينما تم مواجهته بذلك قال: يجوز أخذ أموال المبتدعة لخدمة العلم الشرعي! يعني باللهجة البحرينية العامية «نأخذ فلوسهم ونسبهم ونفسقهم ونبدعهم». وإلاّ فهل من العلم الشرعي السب والقذف والتشهير بالناس والمبالغة في اطلاق النعوت والأوصاف البذيئة؟!
لم يقف أمر هذه الجماعة -التي تقتات من تعب غيرها- على هذا الأمر، بل أصدرت فتاوى تدعو الناس لعدم الصلاة في بعض المساجد، واعتبار المساجد التي يُصلي فيها الحزبيون؛ أي المنتمين للجمعيات الإسلامية، هي مساجد «ضرار». بالطبع لم تنس تلك الجماعة من أنْ تختم فتاويها الشاذة والمنكرة ومهرها بطريقة وهمية مخترعة لم يعهدها المسلمون لا سلفا ولا خلفا، كأبي عبدالرحمن السلفي أو أبي عبدالله الأثري... وكلّها أسماء لا تدل على أحد من الناس وإنما هي أسماء مستعارة.
هذا الجبن الواضح من خلال استخدام الأسماء المستعارة، له ما يبرره لدى هذه الجماعة، ولن يعدموا حيلة في تزوير تفسير لحديث معيّن من أجل الوصول لمآرب في أنفسهم. وإلاّ فإنّ الصحيح الذي عهده المسلمون من قديم الزمان أنْ تكون الفتوى أو الرأي باسم صاحبها، خصوصا إنْ كانت متعلّقة برد فيه من قيئ الكلام ما يترفع عن التلفظ به رجل الشارع العادي (أو العامي). والعامي يطلقها هؤلاء على عامّة الناس غير المتنطعين من أمثالهم! وكأنهم فطاحل علماء التفسير وقواعد اللغة والحديث... وتعجّب كثيرا عزيزي القارئ إنْ علمت إنه لا يُوجد من بينهم رجلٌ رشيد!
أوجّه دعوتي للمسئولين في وزارة الشئون الإسلامية لكي يقوموا بواجبهم تجاه هذه المراكز، إذ ليس من العقل والمنطق أنْ يكون المشرف أو المشرفة على مركز لتحفيظ القرآن الكريم لا تنطبق عليه أو عليها أدنى شروط أو معايير، فهناك الكثير من الإخوة والأخوات غير حافظين للقرآن أو غير ملتزمين بشروط الأخلاق الإسلامية في مخاطبة الآخرين المختلفين معهم في المنهج. ولنا قول آخر حول كلمة المنهج تلك التي تدندن حولها هذه الجماعة كثيرا. وذلك إنْ كان في العمر بقيّة.
إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"العدد 2039 - السبت 05 أبريل 2008م الموافق 28 ربيع الاول 1429هـ