في الحلقة الماضية توقفنا عند إطلاق مفاده أن الناشط السياسي حسن مشيمع لا يتحمّل بمفرده المسئولية تجاه مجموع الخسارات التي عصفت - ولاتزال - بجسد المعارضة. وإذا كانت «حق» في مجملها قد أضعفت «الوفاق» من دون أن تقوّي المعارضة كما كانت تدعي، فإنها بالتأكيد ليست الشماعة التي يمكن أن نعلق عليها غسيل المعارضة البالي.
وفي سياق هذه البراءة النسبية وانغلاق مساحات الأمل، غالبا ما يوجه “الحقيون” للوفاقيين سؤالهم المسموم: ماذا استفدنا من المشاركة؟ وهو السؤال الأكثر إزعاجا لـ «الوفاق» بالتأكيد، وعلى رغم أن هذا السؤال يحتوي على إشكال مركزي وليست الوفاق مطالبة بالإجابة عنه أصلا في هذا التوقيت بالتحديد، فإن الأخيرة فعلا قد تستمر في عجزها عن طرح اجابة حقيقية أو مقنعة؛ لأنها بالتحديد تعتقد غلطا أن الإجابة - أي إجابة - ستكون قادرة على إصلاح ما هو مكسور بين الطرفين.
الحقيقة المُغيبة في ما يتعلق بمسئولية «الوفاق» عن كسر المعارضة وتشرذمها هو إن نواب «الوفاق» لا يمتلكون الإجابة عن سؤال أكثر أهمية من سؤال “حق” المسموم، وهو سؤال يقول: ماذا تفعل “الوفاق” في المجلس؟ وماذا تريد بالضبط؟
أولا، سيكون للذاكرة أن تتورط مرة أخرى مع برنامج «الوفاق» الانتخابي الذي أطلقته مع إعلان مشاركتها، ذلك البرنامج الذي قدمته الكتلة «الإيمانية» آنذاك مشروع إنقاذ للبحرين والتجربة الإصلاحية ككل وليس لجمهور «الوفاق» فقط. الجميع كان يدرك آنذاك أن «الوفاق» ستغرق في أوراقها داخل المجلس ولن يكون لها المتسع من الوقت لتقرأ فيه ما تحتوي أوراق الآخرين. وهكذا حلّقت «الوفاق» في المجلس خارج السرب لا داخله. تركة «الوفاق» من الوعود كانت أكثر مما يجب، وخصوصا أنها كانت تعلم منذ البدء أن فضاءات الإنجاز محدودة إن لم تكن معدومة.
ثانيا، إذا ما تنبهنا لمشكلة أن «الوفاق» بالأساس هي مؤسسة «ردود فعل» لا «أفعال»، فإن هذا بالتأكيد ما سيجعل أي سؤال لـ «الوفاق» وطموحاتها في المجلس أحجية مستحيلة الحل. «الوفاق» كتلة منفعلة، تقرأ ما يحدث في الشارع/ ما تكتبه الصحافة/ ما تعلنه الدولة لتمارس دورها بعد ذلك في أن تعترض/ تطلب تحقيقا/ تستجوب/ تطرح سؤال/ حتى أن تلوح بالاستقالة.
ثالثا، «الوفاق» التي شاركت جمهورها همومه وقاطعت المجلس النيابي في العام 2002، عادت في العام 2006 لتشارك في المجلس النيابي ولتقاطع - ضعوا تحت كلمة تقاطع عشرين خطا - جمهورها. ولهذا، كان لـ «حق» أن تكون الأقرب لهموم الشارع كلما عصفت به فضاعة من فضاعاتنا التي لا تنتهي. الأهم من بُعدِ «الوفاق»، هو بُعدُ مؤسستها الدينية عن الشارع، الأكثر من ذلك، إن رموز «الوفاق» في الدراز وغيرها، طلبت من الشارع ألا يستمع لـ «حق»، وهاجمت الأقلام الوفاقية «حق» باعتبارها تنظيما فوضويا لا برنامج له ولا أفق، ولكن، مَن يعرِف من الوفاقيين برنامجهم؟ ولماذا افترض الوفاقيون أصلا أنهم جماعة سياسية منظمة وأنهم أصحاب أفق؟ إجابة السؤال هي نفيّه، وغدا نكمل.
إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"العدد 2039 - السبت 05 أبريل 2008م الموافق 28 ربيع الاول 1429هـ