لست نائبة في المجلس النيابي، ولا يحق لي أن أتقدم بمقترحات برغبة أو بقانون، فالنواب وحدهم من يملكون الحق في ذلك، ولكن لعلي أساهم من بعيد بتقديم مقترح برغبة؛ لكوني مهتمة بمتابعة التجربة النيابية من جهة، ولكوني أحمل على ظهري هم الوطن ومصلحته الوطنية، وأتبنى كل ما من شأنه أن يحفظ المال العام من الهدر والضياع لصالح مشاريع لا تحقق الأهداف المرجوة، وأحرص على توفير الوقت والجهود التي تبذل بلا فائدة.
المقترح برغبة الذي أطرحه أعرضه للبيع، ربما يكون هناك أحد من النواب الأفاضل من يرغب في شرائه، على رغم انني لا أتوقع أن يكون هناك إقبال من قبلهم، والعرض جدا مغرٍ فلا مال مطلوب منهم لشرائه فهو بلا ثمن، فقط المطلوب منهم تبني الفكرة وإدارتها. بالنسبة اليهم لا يمكن لهم أن يتعاطوا مع مقترحات برغبة كهذه لأنها تجردهم من الكثير من المهمات والمسئوليات المناطة بهم، وتحجم من أدوارهم الطبيعية، التي هي أصلا منصوص عليها حبرا على ورق، في حين المفعل منها أقل بكثير مما هو مطلوب منهم.
والمقترح الذي أتقدم به لا يعد كونه يقدم حلولا لكل الأطراف للوطن وللحكومة وللنواب وللأهالي وللتجربة النيابية أيضا، فالناس كانت ولا تزال تراقب التجربة النيابية وتتابعها وتتلمس حالة الإنسجام والإيجابية والتوافق الكاذب بين الكتل طوال الفترة الماضية، لأن المجلس تغير كثيرا وانقلب إلى مزاد شعبي لا يخلو من الضجيج والصراخ والعويل. الكل يصرخ، فالمؤيدون يصرخون احتجاجا على تجاهل الاستجواب وعدم وضعه على جدول الأعمال والمعترضون يصرخون معترضين على الاستجواب ويتكلمون ويقدمون الحجج الواهية. كل تلك المشاهد والمقاطع جاءت مباشرة بعد فتح باب الرقابي فشهر العسل انتهى وجاء النكد، وتحديدا بعد الاستجواب الأول لوزير شئون مجلس الوزراء، وبعد مواقف رئاسة المجلس تجاه الاستجواب وتخبطها الدائم، وسوء إدارتها، وبعد الكر والفر في مواقف الكتل الأخرى، يتضح أكثر لنا بأن المجلس النيابي الحالي لا يعدو كونه مجلسا للخدمات، وأقترح بالفعل أن يتغير اسمه وتتغير مهامه وصلاحياته ومهمات نوابه وصلاحياتهم، فبدلا من أن يظل اسما على غير مسمى، ويتطلع الأهالي منه للمزيد من الإصلاحات السياسية، في حين يبقى عقيما، يعطى اسما يدل عليه، والاقتراح يفضي أن يطلق عليه مجلس الخدمات ويعنى بالجانب التنموي الخدماتي بدلا من المجلس النيابي، لكونه المعني بالدرجة الأولى بالجانب الخدماتي، ولكونه أيضا سحب المهمات الخدماتية عن المجلس البلدي، وأصبح بلا قيمة وظل مجلسا في مهب الريح لا يقدر على تحقيق الأهداف الخدماتية؛ لأن هناك مجلسا آخر أقوى منه، وأقدر في تعاطيه في هذا البعد تحديدا.
أظن بأن الاقتراح الحالي سيفيد في أنه سيعطينا المجال في إراحة نواب المجلس الحاليين من الجهود المصروفة في الوقت الحالي في إعاقة الجانب التشريعي والرقابي والتي تسعى له الكتل المعارضة، والاستفادة منه ومن جهود أعضائه في المجال الخدماتي، خصوصا أن المحافظات الخمس بحاجة ماسة إلى الإعتناء بها خدماتيا مع تكالب القضايا الخدماتية، وبقائها جامدة دون تعاطي، وأكبر مثال على ذلك جانب النظافة، والتي قضت على جمال وبريق الأحياء السكانية وأصبحت مرتعا للقطط والحشرات.
فيما يتعلق بالجانب التشريعي والرقابي يتضح بأن الجانب الرقابي لا نحتاج إليه أصلا لأنه لا من وزير فاسد يستحق منا ملاحقته ولا وزارات تعاني من التمييز الوظيفي ولا فساد مالي أو إداري مستشري لا سمح الله في أي زاوية من زوايا الوطن، ولا ولا ولا... وبالتالي لا حاجة لنا أصلا بتفعيل الجانب الرقابي لأنه ببساطة منصة الاستجواب لن يركبها أحد، الجانب التشريعي السلطة التنفيذية بأجهزتها المختلفة كفيلة بتحقيقه، ونضمن بعد ذلك توفير الجهود المنصبة على إدارة الكتل الموالية من بعد، أو تجاهل مطالب النواب الاقتصادية والتي تهدف تحسين الوضع المعيشي للمواطنين، وتوفر حينها الحكومة الحرج الكبير التي تضع النواب مع ناخبيهم لتجاهلها وعدم اكتراثها أو تعاملها مع الوضع بالقطارة.
الأمر الآخر والذي يعد أكبر فائدة بالنسبة الينا وبالنسبة للحكومة من جراء تبني المقترح سنكون في غنى تام عن الخوض في انتخابات بلدية بعد اليوم، وسنوفر على أنفسنا جهودا كبيرة، إلى جانب توفير الكثير من المال العام فبدلا من أموال تصرف في إدارة إنتخابات بلدية ونيابية كل أربع سنوات سنظل نخصص فقط موازنات للمجلس الخدماتي، وسيخلصنا المقترح من خمس مكاتب مجالس بلدية، ومن أعباء موازنات تشغيلية مخصصة للمجالس البلدية، ولرواتبهم ولشئونهم الخاصة.
فليس من العدل أن تستنفد موازنة بأسرها للمجالس البلدية دون أن يكون هناك عمل خدماتي يرضي طموح الأهالي فالمجالس البلدية بأدوار معطلة، لكونها مأسورة من قبل المجلس النيابي، وفي المقابل موازنات أخرى للمجالس النيابية وهي دون تشريع ولا رقابة، وتنفذ الدور الخدماتي المستحب وتترك الواجب.
فمن خلال متابعة الدور الرقابي وخصوصا المشاهد المتعلقة بالاستجوابات، وملاحقتها يتضح بأن المجلس مختطف، ولا أمل في عودته، وأمل جديد يدعونا إلى المحاولة في تفعيل الجانب الرقابي ولكن لا جديد إيجابي يظهر على السطح.
هذا ما يجعلنا أن نكون واقعيين وبعيدا عن الآمال والطموح الذي لا موقع له من الإعراب على أرض الواقع، لهذا أجد من المناسب جدا أن أصر بصورة أكبر على المقترح الذي أدعو له، فالفائدة ستعم على الجميع، إلا أن النتيجة قد تكون متوقعة وهو الرفض وعدم القبول كحال بقية المقترحات برغبة!
إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"العدد 2038 - الجمعة 04 أبريل 2008م الموافق 27 ربيع الاول 1429هـ