مازلت أقول، إنه يصعب على فئة من البشر ألا تشتعل غضبا بمجرد سماع كلمة «المخربين»! فالمخرب بالنسبة إليها أنموذج واحد فقط لا غير، هو ذلك «المجاهد، المقاوم، المظلوم، الذي يطالب بحقوقه»، وهذه «اشتعالة» سيئة للغاية تعكس سطحية صاحبها، وتفضح عجلته التي هي من الشيطان قطعا!
وأعيد مرارا، أنه على رغم كوني واحدا من الذين لا يقبلون بالعنف من أية جهة كانت، سواء كانت من جانب المتظاهرين أم من جانب قوات مكافحة الشغب وغيرهم ممن أصبحنا نراهم ولا نعرف من يكونون، لكنني في الوقت ذاته، أريد أن أعيد أيضا أنه من غير اللائق والمقبول، أن يصبح كل صاحب مطلب هو «مخرب» مع الاعتبار للحركات الصبيانية هنا وهناك التي لا هم لها سوى إشعال الإطارات وحاويات القمامة من دون مناسبة في كثير من الأحيان... فقط من أجل تسجيل بطولة ورقية والعتب على أولياء أمورهم طبعا!
شئنا أن أبينا، فإن مثل هذه التصرفات يجب أن تتوقف وألا تعطى المبرر، لأن الكثير من الصبية الصغار أصبحوا يهملون دراستهم ويتصادمون مع أهاليهم فقط من أجل أن يشاركوا في عمل لا يفقهونه أصلا، وأقول إنها يجب أن تتوقف لأنها تضر بالحركات المطلبية العادلة والمشروعة، وخصوصا في الوقت الذي تتكالب فيه أطراف الطائفية ضد القرى تحديدا، وهنا، وددت الربط بين كلام مهم قاله وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة، وبين أفعال «المخربين» - ولا نقصد هنا الأطفال والشباب - بل نقصد الكبار الذين يثيرون الدولة ضد «الوفاق» و «حق» وكل صوت يراد له أن يصل إلى «ولي الأمر»، فوزير الداخلية حذر من مظاهر الطائفية التي نشهدها اليوم ولم نعرفها من قبل، ونعيش أجواء من الشد والتوتر وتصدع الثقة بين أطياف المجتمع، ليثار السؤال: «ما نهاية هذا المنحنى الطائفي؟».
نعم، ونحن مع معالي الوزير في أن النهاية المحتومة لهذا الأمر لا تفضي إلى الصالح العام إذا تركنا الأمر إلى الظروف، لكون الطائفية تفاعلت وازدادت خطورتها بسبب الظروف المحيطة التي شهدتها المنطقة، لكن وددنا لو أن أطرافا مهمة في الدولة تستمع إلى كلام الوزير وطرحه المهم، فبدلا من التصريح دائما وأبدا بأن القرى وشباب القرى هم الشوكة في خاصرة البلد وهم السلاح المدسوس لتحطيم البلد، لابد أن ينظر أولئك الشخوص إلى أن الإثارات الطائفية البغيضة التي لم تتوقف يوما ما هي إلا جزء من «التخريب» المتعمد الذي يفوق قسوة وخطرا حرق إطار هنا أو حاوية هناك، ويدمر نفسية المئات من شباب القرى.
يحتاج كلام وزير الداخلية إلى أن تستفيد منه كل الأطراف، وخصوصا تلك الأطراف التي جعلت من كل حركة مطلبية في القرى، حتى وإن كانت قانونية ومرخصة، فرصة للتنفيس والقمع والمواجهة، ليظهر أمام أعيننا تخريب شديد لأنه لن يضر أهل القرى بدخان الإطارات والحاويات، بل ينخر في أساسات البلد ليضر الجميع.
ونحن مع الوزير أيضا في أن: «أخطر ما نواجهه اليوم هو تلك الرواسب الطائفية التي تسهل الأمر على من يريد أن يصطاد في الماء العكر، أن يجد ضالته في التخريب والتفريق بين أبناء الوطن الواحد».
والآن، هل من الصعب التفريق بين «المخربين» الذين قصدهم الوزير؟ أم سيقفل البعض عقله على «القرى وشباب القرى وأطفال القرى ومطالب القرى وحقوق القرى، وحسب»؟!...
الأحد المقبل سيكون لنا تفصيل أكثر.
إقرأ أيضا لـ "سعيد محمد"العدد 2036 - الأربعاء 02 أبريل 2008م الموافق 25 ربيع الاول 1429هـ