الروائح غير الطيبة التي فاحت من «ألبا» أخيرا وتطاير عبقها الكريه إلى واشنطن، ودخل إلى وزارة العدل الأميركية من أوسع أبوابها كيف ولد ونشأ وترعرع هذا الفساد إلى أن استولى على المليارات من دون أدنى مساءلة؟!
ما يبعث على الرعب والهلع هو أن الأجواء التي كانت مهيأة لسرقة هذه المبالغ «المليارية» بالتأكيد هيأت إلى صفقات أخرى في مواقع أخرى والغافلون وهم المواطنون لهم الله!
الطامة الكبرى هي أن أبواب المحاسبة موصدة أيّما إيصاد إلا في وجوه من يسرقون الدراهم المعدودة، وغيرهم ممن ينخرون في عظام المال العام نخرا محرمة عليهم مطارق المساءلة، وكلما طغوا في البلاد, وأكثروا فيها الفساد ازدادوا حصانة ومتانة ورصانة وربما أمانة أيضا!
ليست دعوة لتبرئة من يسرقون قليلا، ولكنها دعوة لإدانة من يسرقون كثيرا، فلو ألقيت ببصرك على أخبار المحاكم في الصحف لوجدتها لمن يسرقون «علب الطاطم» بالمرصاد! وأما سُرّاق المليارات وهم كثرٌ فلا عهد لهم بالوقوف أمام القضاء، وكأنه وضع لغيرهم، فأقدامهم لا تطأ تلك القاعات إلا مجنيّا عليهم ويخرجون منها بكامل اعتبارهم وهم أكبر الجناة!
لا يمكن لعجلة الفساد أن تتوقف في هذه البلاد، مادامت مطرقة المساءلة متوقفة، بل إن كثيرا من المفسدين كانوا أحقّ بالثواب من العقاب إلى أن أصيبوا بالتخمة المفرطة فأصبحت أبواب المحاكم تضيق بكروشهم الممتلئة.
من أمِنَ العقوبة أساء الأدب، وما أكثر إساءة الأدب جراء الأمن من العقوبة، أو ربما كنت نائما فيذكّرني قارئ مستيقظ، متى تم الإعلان عن محاكمة “لورد” متورط في الفساد؟ اللهم إلا إذا كنا نعيش في المدينة الفاضلة وأنا «لا أدري بالدنيا» كما يقال، فلا مفسدين ولا سارقين ونهابين ومستولين ولا متنفذين فمن يدري؟!
هذه المرة كشفت وزارة العدل الأميركية عن الاستيلاء على مليارين في البحرين، فهل ستكشف وزارة العدل البحرينية في الأيام المقبلة عن سرقة مليارين آخرين في موقع آخر... بدلا من التفرغ عن الكشف عن سرقة دينارين أو أقل كما نقرأ في أخبار المحاكم؟!
إقرأ أيضا لـ "عقيل ميرزا"العدد 2036 - الأربعاء 02 أبريل 2008م الموافق 25 ربيع الاول 1429هـ