بمحصلة لنظرة عامة على معرض البحرين الدولي للكتاب، نجد أن حجم الإقبال الذي حققه هذا المعرض كان أمرا مبهرا، ويزيد من التفاؤل بأن من لم يكن ليشتري كتابا، كان موجودا هناك، وقد يكون اشترى أو سيشتري في المستقبل ولو كتابا واحدا، يأخذ بيده إلى عالم العلم والثقافة والمعرفة.
الواقع المؤسف لذلك المعرض شخّصه أصحاب دور العرض والمكتبات، وهو أن أسعار الكتب باتت تتزايد بشكل ملحوظ، وذلك نتيجة لزيادة أسعار الورق وحبر الطباعة والتغليف وغيرها من الأمور المرتبطة بعمليات إخراج الكتب وإيصالها إلى القارئ، إذ يبدو أن نار الأسعار المتزايدة التي باتت تحرق كل يابس وأخضر، من البقالة الصغيرة وبضاعتها المتواضعة من العصائر والحلويات، إلى العقارات والمساكن وغيرها، باتت الكتب لها مجرد حجرة صغيرة، لم تكد تسبب أية عثرة لمسيرة هذه النار التي تطأ بألسنتها جلّ ما هو حولنا اليوم.
الكارثة هي أننا حينما نعيد جدولة موازنة الأسرة البسيطة، سواء في البحرين أو غيرها، نجد أن الأولويات الضرورية تلتهم ثلثي الموازنة المتواضعة، ويبقى الثلث الباقي موزعا بين أولويات ثانوية، وثانويات أولية، ليتحول الكتاب إلى ثانوي ثانٍ بين مجمل حاجات الأسرة الشهرية، فلا يعود بإمكان رب الأسرة البسيط أن يتكرم بشراء كتاب على حساب دفع فواتير الهاتف والكهرباء والماء، من بعد شراء مئونة المنزل وتخصيص مبلغ للسيارة ودراسة الأطفال.
لقد أعلنت مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم إطلاق برنامج «ترجم» خلال الشهر الماضي، الذي يسعى إلى ترجمة 365 كتابا خلال العام، حتى يصل المجموع إلى 1000 كتاب خلال الأعوام الثلاثة المقبلة، وقد كانت هذه أقوى المبادرات الثقافية التي أطلقت في المنطقة منذ عقود، إلا أن المرحلة المقبلة تقتضي أن تنتشر هذه الكتب بين الناس والمجتمعات، وأن يسهل وصولها إلى كل بيت، حتى تنتشر عادة القراءة، ويعتادها الناس أمرا روتينيا في حياتهم اليومية.
العدد 2036 - الأربعاء 02 أبريل 2008م الموافق 25 ربيع الاول 1429هـ